للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الزمخشريُّ: "يتعلَّق بـ "مجنون" (١) مَنْفِيًّا، كما يتعلَّق بعاقِلٍ مُثْبَتًا في قولك: أنتَ بنعمةِ اللهِ عاقِلٌ، مُسْتَوِيًا (٢) في ذلك الإثبات والنَّفْي استواءَهما في قولك: ضَرَبَ زيدٌ عَمْرًا، وما ضَرَبَ زيدٌ عَمْرًا (٣)، تُعْمِلُ الفعلَ مُثبَتًا ومَنْفِيًّا إعمالًا واحدًا، ومَحَلُّهُ النَّصْبُ على الحال، أي: ما أنت بمجنون مُنْعَمًا عليك بذلك. ولم تَمْنَعِ "الباءُ" أنْ يَعْمَلَ (مجنون) فيما قبله؛ لأنَّها زائدةٌ لتأكيد النَّفْي" (٤).

واعتُرِض عليه (٥) بأنَّ النَّفْيَ (٦) إذا تسلَّط على محكومٍ به، وله معمولٌ، فإنَّه يجوز فيه وجهان:


= لكان المراد نفيَ جنونٍ من نعمة الله، وذلك غير مستقيم من وجهين:
أحدهما: أنه لا يُوصف جنونٌ من نعمة الله.
والآخر: أنه لم يُرَدْ نفيُ جنونٍ مخصوص، وإنما أُريدَ نفيه عمومًا.
فتحقَّقَ أنَّ المعنى: أنه انتفى عنك الجنون مطلقًا بنعمة الله، وعلى هذا يُحْكَم في التعلُّق، فإن صحَّ تعلُّقه بالفعل، وإلا عُلِّق بالحرف".
قال ابن هشام بعد أن نقل ملخصه: "وهو كلامٌ بديعٌ، إلا أنَّ جمهور النحويين لا يوافقون على صحة التعلق بالحرف، فينبغي على قولهم أن يُقدَّر أنَّ التعلق بفعلٍ دلَّ عليه النافي، أي: انتفى ذلك ينعمة ربِّك".
"مغني اللبيب" (٥/ ٢٩٨).
(١) في جميع النسخ من أول الآية: "بنعمة ربك بمجنون"، والتصحيح من "الكشاف"، وبه يتضح الكلام.
(٢) في (ز): يستوي، وفي (ن) و (ك) و (ح) و (م): يستويا.
(٣) المثال الثاني ساقط من (ز).
(٤) "الكشاف" (٤/ ٥٨٩ - ٥٩٠).
(٥) المعترِض هو أبو حيَّان في "البحر المحيط" (٨/ ٣٠٢).
(٦) ساقط من (ن) و (ك) و (ط)، وألحق بهامش (ز)، وفي (م) وهامش (ح): العامل.

<<  <  ج: ص:  >  >>