كتاب التبيان في أيمان القرآن - ط عطاءات العلم

للتعظيم؛ لأنَّه (١) صُوِّرَ للسامع بمنزلة أمرٍ عظيمٍ لا يدركه الوصف، ولا يناله التعبير (٢).

ثُمَّ قال تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)﴾ [القلم: ٤]، وهذه من أعظم آيات نُبُوَّتِهِ ورسالته، لمن مَنَحَهُ اللهُ فهمها (٣). ولقد سُئلَتْ أمُّ المؤمنين عن خُلُقه Object، فأجابت بما شَفَى وكَفَى، فقالت: "كان خُلُقُه القرآنُ" (٤)، فهَمَّ سائِلُها أن يقوم ولا يسألها شيئًا بعد ذلك.

وقال ابن عباس وغيرُه: "أي: على دينٍ عظيمٍ" (٥).

وسمَّى "الدِّين" خُلُقًا؛ لأنَّ الخُلُق هيئةٌ مركَّبَةٌ من علومٍ صادقةٍ، وإراداتٍ زاكيةٍ، وأعمالٍ - ظاهرةٍ وباطنةٍ - موافقةٍ للعدل والحكمة والمصلحة، وأقوالٍ مطابقةٍ (٦) للحقِّ، تصدر تلك الأقوال والأعمال عن تلك العلوم والإرادات، فتكتسب النفسُ بها أخلاقًا هي أزكى الأخلاقِ وأشرفها وأفضلها.

فهذه كانت أخلاق رسول الله Object المقتبسة من مشكاة القرآن، فكان كلامه مطابقًا للقرآن؛ تفصيلًا له وتبيينًا، وعلومُهُ علوم القرآن، وإراداتُهُ (٧) وأعمالُهُ ما أوجبَهُ ونَدَبَ إليه القرآنُ، وإعراضُهُ وتَرْكُه لما مَنَعَ

(١) في جميع النسخ: لا! ولعل الصواب ما أثبته.
(٢) تصحفت في (ك) إلى: التغيير.
(٣) في (ح) و (م): فهمًا.
(٤) أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (٧٤٦) ضمن حديث طويل.
(٥) أخرجه: ابن جرير الطبري في "تفسيره" (١٢/ ١٧٩)، ونسبه الواحديُّ إلى الأكثرين "الوسيط" (٤/ ٣٣٤).
(٦) في (ز) و (ن) و (ك) و (ط): متطابقة.
(٧) في (ك): وإرادته.