للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ثُمَّ أخبر - تعالى - عن تصديق فؤادِهِ لِمَا رأَتْهُ عينَاهُ، وأنَّ القلبَ صَدَّقَ العينَ، وليس كمن رأى شيئًا على خلاف ما هو به، فكذَّبَ فُؤَادُهُ بَصَرَهُ، بل ما رآه بِبَصَرِهِ صدَّقَهُ الفؤادُ، وعَلِمَ أنَّه كذلك.

وفيها قراءتان (١):

إحداهما: بتخفيف "كَذَبَ".

والثانية: بتشديدها.

يقال: كَذَبَتْهُ عينُه، وكَذَبَهُ قلبُه، وكَذَبَهُ حَدْسُهُ (٢)؛ إذا أخلف ما ظَنَّهُ وحَدَسَهُ. قال الشاعر (٣):

كَذَبَتْكَ عينُكَ، أَمْ رأَيتَ بِوَاسِطٍ … غَلَسَ الظَّلَامِ من الرَّبَابِ خَيَالا

أي: أَرتْكَ ما لا حقيقةَ له.

فَنَفَى هذا عن رسوله ﷺ، وأخبره أنَّ فُؤَادَهُ لم يكذِّبْ ما رآه.

و"ما" (٤):

إمَّا أن تكون مصدريَّة؛ فيكون المعنى: ما كَذَبَ فؤادُهُ رؤيتَهُ.


(١) قرأ أبو جعفر، وهشام بتشديد "الذَّال"، وقرأ الباقون بتخفيفها.
انظر: "التيسير" للداني (٢٠٤)، و"النشر" (٢/ ٣٧٩).
(٢) تصحفت في جميع النسخ إلى: جسده!
(٣) هو الأخطل النصراني "ديوانه" (٢٤٦).
(٤) في قوله تعالى: ﴿مَا رَأَى (١١)﴾.
وانظر: "مشكل إعراب القرآن" (٦٤٥)، و"الدر المصون" (١٠/ ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>