للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود أنَّ الرِّياح من أعظم آيات الرِّبِّ، الدَّالَّة على عظمته، وربوبيته، وقدرته.

فصل

ثُمَّ أقسَمَ - سبحانه - بـ "السَّحَاب"، وهو من أعظم آياته، بُخَارٌ يُنْشِئه اللهُ (١) في الجَوِّ في غاية الخِفَّة، ثُمَّ يحمل الماءَ والبَرَدَ، فيصير أثقلَ شيءٍ، فيأمر الرِّياح، فتحمله على مُتُونها، وتسير به حيث أُمِرَت، فهِو مُسَخَّرٌ بين السماء والأرض، حامِلٌ لأرزاق العباد والحيوان، فإذا أَفْرَغَه حيث أُمِر به اضْمَحَلَّ وتَلَاشَى بقدرة الله، فإنَّه لو بَقِيَ لأَضَرَّ بالنَّبَات والحيوان. فأنشأَهُ - سبحانه - في زمنٍ يصلح إنشاؤه فيه، وحمَّلَهُ من الماء ما تحمَّلَه، وساقَهُ إلى بلدٍ شديدِ الحاجةِ إليه.

فَسَلِ "السَّحَاب": مَنْ أنشأه بعد عَدَمِهِ؟ ومَنْ حمَّلَهُ الماءَ والثَّلْجَ والبَرَدَ؟ ومَنْ حَمَلَهُ على ظهور الرِّياح؟ ومَنَ أمسكه بين السماء والأرض بغير عماد؟ ومَنْ أغاثَ بقَطْرِهِ العبادَ، وأحيا به البلادَ، وصرَّفَهُ بين خلقه كما أراد؟ وأخرج ذلك القطر بقَدْرٍ معلومٍ، وأنزله منه، وأَفْنَاهُ بعد الاستغناء عنه، ولو شاء لأَدَامَهُ عليهم فلم يستطيعوا إلى دفعه سبيلًا، ولو شاء لأَمْسَكَهُ عنهم فلا يجدون إليه وصولًا، فإنْ لم (٢) يُجِبْكَ حِوَارًا؛ أجابك اعتبارًا.


= الخُزَّان، فَعَتَت على الخُزَّان".
عزاه الحافظ في "الفتح" (٦/ ٤٣٤) إلى ابن أبي حاتم، وقال: "بإسنادٍ صحيحٍ".
(١) "بخارٌ يُنْشِئه الله" ساقط من (ح).
(٢) ساقط من (ز).

<<  <  ج: ص:  >  >>