للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسبحانَ من جَعَلَ السماءَ كالأَبِ، والأرضَ كالأُمِّ، والقَطْرَ كالماءِ الذي ينعقد منه الولد، فإذا حَصَل الحَبُّ في الأرض، ووقع عليه (١) الماءُ؛ أثَّرَتْ نَدَاوَةُ الطِّين فيه، وأعانتها السُّخُونةُ المختفيةُ في باطن الأرض، فوَصَلَت النَّدَاوَةُ والحرارةُ إلى باطِن الحَبَّةِ، فاتَّسَعَت (٢) الحَبَّةُ ورَبَتْ، وانْتَفَخَتْ، وانْفَلَقَتْ عن ساقَين:

١ - ساقٍ (٣) من فوقها، وهو: الشَّجَرَةُ.

٢ - وساقٍ من تحتها، وهو: العِرْقُ.

ثُمَّ عَظُمَ ذلك الولدُ حتَّى لم يَبْقَ لأبيه نسبةٌ إليه، ثُمَّ وضَعَ من الأولاد بعَدَدِ أبيه آلافًا مؤلَّفَةً، كلُّ ذلك صُنْع الرَّبِّ الحكيم في حَبَّةٍ واحدةٍ لعلَّها تبلغ في الصِّغَر إلى الغاية، وذلك من البركة التي وضعها الله - سبحانه - في هذه الأُمِّ.

فَيَا لَها من آيةٍ تكفي وحدَها في الدلالة على وجود الخالق، وصفات كماله، وأفعاله، وعلى صدْق رُسُلِه فيما أخبروا به عنه مِن إخراج مَنْ في القبور ليوم البعث والنُّشور.

فتأمَّلْ اجتماعَ هذه العناصر الأربعة (٤)، وتجاورَها، وامتزاجَها، وحاجةَ بعضها إلى بعضٍ، وانفعالَ بعضها عن بعض، وتأثيرَهُ فيه، وتأثرَه به، بحيث لا يمكنه الامتناع من التأثرِ والانفعالِ، ولا يَسْتَقِلُّ الآخَرُ


(١) في (ح) و (م): عليها.
(٢) في (ط): فانشقَّت.
(٣) ساقط من (ز).
(٤) هي: التراب، والماء، والنار، والهواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>