للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسبب المؤدِّي لذلك أنَّ الذي تحت عَظْم "الجَبْهَة" هو مُقَدَّمُ "الدِّمَاغ"، وهو باردٌ رَطْبٌ، والبُخَارُ لا يتحرَّك منحرِفًا إلى "الجبهة"، بل صاعدًا إلى فوق.

فإن قيل: فَلِمَ نَبَتَ شَعْر الصبيِّ على رأسه وحاجبيه وأجفانه معه في الصِّغَر دون سائر الشُّعُور؟

قيل: لشدَّةِ الحاجة إلى هذه الشُّعُور الثلاثة أوجَدَها الله - سبحانه - معه وهو جنينٌ في بطن أُمِّه، فإنَّ شَعْر "الرأس" كالغِطَاءِ الواقي له من الآفات، و"الأهدابَ" و"الأجفانَ" وِقايةٌ "للعين".

فإن قيل: فَلِمَ لَمْ تنبت له "اللِّحْيَةُ" إلا بعد بلوغه؟

قيل: لأنَّه عند البلوغ تجتمع الحرارة في بدنه، وتكون أقوى ما هي. ولهذا يَعْرِضُ له في هذا الطَّوْر: "البَثَرَات" (١)، و"الدَّمَاميل" (٢)، وكثرة الاحتلام.

وإذا قويت الحرارة كثُرَت الأَبْخِرَةُ بسبب التحلُّل، وزادت على القَدْر المحتاج إليه في شَعْر "الرأس"، فَصَرَفَها أحكمُ الحاكمين إلى نبات "اللِّحْيَة" و"العَانَة".

وأيضًا؛ فإنَّ بين أوعية "المَنِيِّ" وبين "اللِّحْيَة" ارتباطًا؛ إذ العُرُوق


(١) "البَثرَات": جمع بَثْرة، وهو خُرَّاج صغير يظهر من تنفُّط الجلد.
انظر: "مختار الصحاح" (٥٣)، و"المصباح المنير" (٤٩ - ٥٠).
(٢) "الدماميل": جمع دُمَّل، ويجمع - أيضًا - على: دَمَامِل، وهو القُرُوح المعروفة.
انظر: "مختار الصحاح" (٢٣١)، و"المصباح المنير" (٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>