للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: ٢٣٣].

قال "جالينوس": "كنتُ شديد الفحص عن مقادير أزمنة الحَمْل، فرأيتُ امرأةً واحدةً ولدت في مائةٍ وأربعٍ وثمانين ليلةً".

وزعم صاحب "الشِّفَاء" (١) أنَّه شاهد ذلك.

وأَمَّا أكثره فقال في "الشِّفَاء": "بلغني من حيث وَثِقْتُ كُلَّ الثِّقَةِ أنَّ امرأةً وضعَت بعد الرابع من سِنِّ الحَمْل ولدًا قد نبتت أسنانه، وعاش".

فصل

فإن قيل: فما سبب الإذْكَارِ والإِينَاثِ؟

قيل: الذي نختاره أنَّهُ إنَّما سببه مشيئةُ الرَّبِّ الفاعِل باختياره، وليس له سببٌ طبيعيٌّ، وكلًّ ما ذَكَرَهُ أصحابُ الطبائع من الأسباب فَمُنْتَقِضٌ؛ مثل: حرارة الرَّجُل ورطوبته. قالوا: وفساد المِزَاج - أيضًا - يوجِبُ إيلَادَ الإناث، واستقامته تُوجِبُ الإذْكَار.

وكُلُّ هذا تخليطٌ وهذيانٌ؛ فليس للإذْكَار والإينَاث إلا قول الله لِمَلَكِ الأرحام - وقد استأذنَهُ -: "يا ربِّ ذَكَرٌ، يا ربِّ أنثَى، يا ربِّ شقيٌّ أم سعيدٌ، فما الرزقُ؟ فما الأجلُ؟ " (٢). فالإذْكَارُ والإينَاثُ قُرَانَى (٣)


(١) هو أبو علي الرئيس، الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، العلامة الفيلسوف، صاحب التصانيف الكثيرة في الطب والفلسفة والمنطق، كفَّره أهل العلم لإلحاده في النبوة والمعاد وغير ذلك، مات بهَمَذان سنة (٤٢٨ هـ).
انظر: "تاريخ الحكماء" (٤١٣)، و"السير" (١٧/ ٥٣١).
(٢) سبق تخريجه (ص/ ٤٩٨).
(٣) "قُرَانى" كالقَرِين، وهو المقارِن والمصاحِب. "القاموس" (١٥٧٩). =

<<  <  ج: ص:  >  >>