للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّمَوِيَّة (١) على بَشَرَته، وتَغَذِّيه بالسرور والفرح. ولا نسبة لذلك إلى فرح "القلب" ونعيمه، وابتهاج "الرُّوح" بقُرْب الرَّبِّ - تعالى - ومحبته ومعرفته، كما قيل (٢):

لها أحادِيثُ من ذِكْرَاكَ تَشْغَلُها … عن الشَّرَابِ، وتُلْهِيها عن الزَّادِ

وقد قال ﷺ في الحديث المتفق على صحته: "إنِّي أَظَلُّ عند رَبِّي يُطْعِمُني ويَسْقِيني" (٣). وصدق الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه؛ فإنَّ المقصودَ من الطعام والشراب التغذيةُ المُمْسِكَةُ، فإذا حصل له أعلى الغذاءين وأشرفُهما وأنفعُهما فكيف لا يُغْنيه ذلك عن الغذاء المشْتَرَك.

وإذا كنَّا نشاهد أنَّ الغذاءَ الحيوانيَّ يَغْلِب على الغذاء القلبيِّ الروحيِّ حتَّى يصير الحكم له، ويَضْمَحِلَّ غذاء "القلب" و"الرُّوح" (٤) بالكُلِّية، فكيف لا يضمحِلُّ غذاء البدن عن استيلاء غذاء "القلب" و"الرُّوح" ويصير الحكم له؟


(١) في (ك): الذمومة!
(٢) البيت لإدريس بن أبي حفصة.
انظر: "زهر الآداب" للقيرواني (١/ ٥٠٧) وفيه: "عن الرُّتُوع" بدل "عن الشراب"، و"الأنوار ومحاسن الأشعار" للشمشاطي (١/ ٤٠١) وفيه: "عن الرُّبُوع".
(٣) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم (٧٢٤١)، ومسلم في "صحيحه" رقم (١١٠٤)؛ من حديث أنس ﵁ بلفظ: "إني أظَلُّ يطعمني ربي ويسقيني".
وفي الباب عن عِدَّةٍ من الصحابة منهم: أبو هريرة، وأبو سعيد، وعائشة، وابن عمر ﵃.
(٤) العبارة في (ح) و (م) هكذا: ويضمحلَّ هذا الغذاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>