للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هيرودوتس وني سياز يذكرانها ويقولان:

"إن طغيان بعض القبائل الهمجية الصحراوية حمله على القيام بهذه المهمة".

يقول أبو الكلام: (وهذا يطابق ما قاله القرآن: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا} (١). أي أنه لما وصل إلى نهاية الشرق، رأى الشمس تطلع على قوم ليس لديهم ما يستترون به من قيظها، يعني أنهم كانوا من القبائل الرحالة التي لا تسكن المدن ولا تبني لها البيوت) اهـ رسالة (ويسألونك عن ذي القرنين).

ثم يتحدث أبو الكلام عن المهمة الشمالية وسد يأجوج ومأجوج. قال أبو الكلام:

كانت هذه مهمته الثالثة، وصل بها، تاركًا على يمينه بحر الخزر، إلى جبال القوقاز Caueasus حيث وجد مضيقًا بين جبلين منها.

ذكر القرآن هذا الخبر قائلًا: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا} (٢). أي انهم كانوا جبليين متوحشين، حرموا من المدينة والعقل والفهم.

والمقصود بسدين، مضيق في جبال القوقاز. وإنك تجد على يمين القوقاز، بحر الخزر الذي يسد طريق الحافة الشرقية منها، وعلى اليسار البحر الأسود الذي يسد طريق الحافة الغربية، وترى في الوسط سلسلة جبالها الشاهقة التي صارت جدارًا طبيعيًا، فلم يكن هنالك منفذ للمهاجمين من الشمال إلا مضيق وسطى في هذه الجبال، يجتازه المهاجمون ويشنون الغارات على البلاد الواقعة وراءه. فبنى غوروش في هذا المضيق سدًا حديديًا، أخذ به الطريق على المغيرين. ولم يأمن أهل سهول قوقاز وحدهم بهذا السد بل أصبح السد بابًا مقفلًا منيعًا لسلامة سائر بلاد آسيا الغربية فأمنت جميع الشعوب القاطبة في آسيا الغربية وفي مصر من جهة الشمال. اهـ.


(١) الكهف: ٩٠.
(٢) الكهف: ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>