للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من الأزواج والثمرات والأشربة ثم أطبقها فلم يرها أحد من خلقه لا جبريل ولا غيره من الملائكة، ثم قال كعب {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (١) قال: وخلق دون ذلك جنتين وزينهما بما شاء وأراهما من شاء من خلفه، ثم قال: من كان كتابه غي عليين نزل في تلك الدار التي لم يرها أحد حتى أن الرجل من أهل عليين ليخرج فيسير في ملكه فلا تبقى خيمة من خيم الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه فيستبشرون لريحه، فيقولون: واها لهذا الريح، هذا ريح رجل من أهل عليين قد خرج يسير في ملكه، قال: ويحك يا كعب إن هذه القلوب قد استرسلت فاقبضها. فقال كعب: إن لجهنم يوم القيامة لزفرة ما من ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا لركبتيه حتى إن إبراهيم خليل الله ليقول: رب نفسي نفسي. حتى لو كان لك عمل سبعين نبيًا إلى عملك لظننت أن لا تنجو. وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقوم الناس لرب العالمين ألف سنة شاخصة أبصارهم ينتظرون فصل القضاء" قال: فذكر مثل حديث زيد بن أبي أنيسة.

أقول:

من الملاحظ أنه قد ورد معنا في هذا النص تحديد للزمن الذي يسبق فصل الخطاب، فأول الرواية ذكرت أربعين سنة، وآخر النص ذكر رواية أخرى حددته بألف عام، ولمثل هذا كان للتحقيق من أهله محله في فهم النصوص، وفي جمع بعضها مع بعض وفي ترجيح الأخذ ببعضها، وبسبب من هذا وجد في كل علم أئمة هدى سلمت لهم الأمة فمع إيماننا بعدالة الصحابة جميعًا ومع ثقتنا بالعدول من الرواة فإن للوهم أو للخطأ محلاً في الرواية، ولذلك أحالنا القرآن في سياقه على الراسخين في العلم في كل ما تشابه من القرآن، وهو المنقول تواترًا والمحفوظ من الله عز وجل فكيف بما تشابه من نصوص السنة التي لم يوجد في كل نص منها تواتر بل وجد في بعضها تواتر لفظي أو معنوي وبعضها لم يوجد فيه تواتر أصلًا، ثم هي لم يدخل كل نص منها بالتحديد في دائرة الحفظ الإلهي، ومن هنا كان الرجوع في فهم غير القطعيات في الشريعة إلى فهوم الراسخين في العلم من أئمة الهدى هو الذي ينبغي أن


(١) السجدة: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>