للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"أرأيتم لو أن رجلاً له خيل غُر محجلة بين ظهراني خيل دهم بهم، ألم يكن يعرفها؟ " قالوا: بلى. قال: "فإنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين، من أثر الوضوء" قال: "أنا فرطكم على الحوض" ثم قال: "ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال. فأناديهم: ألا هلموا! فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، ولم يزالوا يرجعون على أعقابهم، فأقول: ألا سحقاً! سحقاً! ".

أقول: الروايات التي تذكر أن هناك أناسا يردون عن الحوض متعددة يمكن أن يحمل بعضها على أمة الدعوة دون إشكال، إلا أن بعضها مما ذكر لفظ الأصحاب، استغله بعض المبتدعة فشككوا في الصحابة رضوان الله عليهم، والأمر لا يحتمل ما ذهبوا إليه، وقد ناقش ابن حجر العسقلاني مناقشة مطولة فيما قيل، وجميع الروايات الواردة في هذه الشؤون.

وأبسط ما يقال في هذا الشأن إن المراد بالأصحاب في الحديث هم بعض من مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد دخلوا في الإسلام ثم ارتدوا وحاربهم أبو بكر وماتوا على الردة، أو بعض من الذين تظاهروا بالإسلام وهو منافقون. ومما قاله ابن حجر:

قال الفربري: ذكر عن أبي عبد الله البخاري عن قبيصة قال: هم الذين ارتدوا على عهد أبي بكر فقاتلهم أبو بكر، يعني حتى قتلوا وماتوا على الكفر. وقد وصله الإسماعيلي من وجه آخر عن قبيصة. وقال الخطابي: لم يريد من الصحابة أحد وإنما ارتد قوم من جفاة الأعراب ممن لا نصرة له في الدين، وذلك لا يوجب قدحا في الصحابة المشهورين. ويدل قوله "أصحابي" بالتصغير على قلة عددهم. أهـ (فتح الباري).


= (دهم): جمع أدهم، والدهمة السواد.
(بهم): جمع بهيم: هو الأسود أيضًا، وقيل: الذي لا يخالطه لونه لون سواه، سواء كان أسود أو أبيض أو أحمر، بل يكون لونه خالصًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>