للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إن هناك شيئًا مغيبًا عنا موجودًا في القلب هو نور الفطرة، وإن هناك أنوارًا تدخل القلب هي أثر الهبة الإلهية الخالصة أو أثر العمل الصالح، وكأثر عن ذلك كله يبصر الإنسان الأشياء على حقيقتها، فلا يرى الزنى على أنه شيء مبهج بل يراه قذرًا مظلمًا ويرى الدنيا أنها فتنة، وإذا ادلهمت الأمور على غيره فهو يرى طريقه بنور الله عز وجل.

المهم أن نعلم أن هذه حقائق لها وجودها الحقيقي:

انظر إلى قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} (١). قال القرطبي: وقيل البينة: معرفة الله التي أشرقت لها القلوب، والشاهد الذي يتلوه: العقل الذي ركب في دماغه وأشرق صدره بنوره، وانظر إلى قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ} (٢) قال القرطبي: وكان أبي وابن مسعود يفسرانها: مثل نوره في قلب المؤمن كمشكاة.

هذا النور في قلب المؤمن تمده شريعة الله:

{يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ} قال القرطبي: والشجرة المباركة هي الوحي.

وإذن فهناك نور حقيقي في القلب المؤمن وهناك مدد نوراني يصل إلى القلب كأثر عن العمل الصالح وكأثر عن هذا يتحدد سلوك الإنسان: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} (٣).

{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} (٤).

{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (٥).

{إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} (٦).

{وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} (٧).


(١) هود: ١٧.
(٢) النور: ٣٥.
(٣) الزمر: ٢٢.
(٤) الأنعام: ١٢٢.
(٥) العنكبوت: ٦٩.
(٦) الأنفال: ٢٩.
(٧) الحديد: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>