للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من بدهيات الإسلام التمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف لا والله عز وجل يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (١).

ومن بدهيات الإسلام الحذر من البدعة وكراهيتها، ولكن هذين الموضوعين يلبس بهما أهل الجهل على المسلمين فاقتضى ذلك تبيينهما.

فيما يدخل في التمسك بالسنة: الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم بالكليات والجزئيات، وذلك يقتضي فهم سيرته ومعرفة سننه، ولكن درجات الإلزام في ذلك يحددها أئمة الاجتهاد والفتوى الصحيحة من أهلها، فهناك سنة عادة وسنة عبادة وسنة دائمة وتشريع مؤقت، وما دام المسلم على فتوى إمام مجتهد أو عالم معتمد فهو على إسلام وعلى سنة وعلى اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في حده الأدنى أو حده الأعلى، وما دام المسلم على العقائد الإسلامية كما هي في صريح الكتاب والسنة وما دام على فهم الراسخين في العلم من الأئمة في المتشابهات فهو على سنة، وبالتالي لا يعتبر مبتدعاً من من كان في المحكمات على الكتاب والسنة وفي المتشابهات والمشتبهات على مذاهب الراسخين في العلم من أئمة أهل السنة والجماعة، ومن ضلل من تابع الأئمة في مثل هذين الأخيرين فقد ضل لأنه يريد أن يلقي بالأمة في أحضان الجاهلية وأن يتهم الأئمة وحاشاهم.

وأخطر أنواع البدع بدع الاعتقاد التي تخرج الإنسان عن كونه من الفرقة الناجية إلى أن يدخل في الفرق الثنتين والسبعين التي نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على استحقاقها النار، ويدخل في الابتداع ابتداع العمل، ولكن لا نحكم على إنسان في العقائد أنه مبتدع ما دام على فهم الراسخين في العلم للمتشابهات، قال تعالى {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} (٢) فالقراءة التي تقف على قوله تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} تفيد إفادة صريحة كما ذكرناه، ولا نحكم على عمل أنه بدعة، أما إذا اختلفوا في بدعيته وتحريمه فالأمر واسع بالنسبة للعامي، وهو أضيق في


(١) الأحزاب: ٢١.
(٢) آل عمران: ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>