للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التبديع والتضليل في أفعاله. هذا وظاهرٌ من سياق الحديثين (هذا والذي قبله) أنهما قضيتان، فحديث أنس الأول فيه أن الفاعل لتخصيص هذه السورة إمام قومه في مسجد قباء، وفي حديث عائشة كان أمير سريةٍ. وأن هذا كان يختتم بقل هو الله أحد، وذاك كان يفتتح بها. وهذا بشره الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بحب الله له، وذاك بشره بالجنة. فالتعدد فيهما واضح لا يحتمل الجمع ولا التأويل. والأحاديث التي مرت كلها في الصلاة كما ترى، وهي أهم أعمال العبادات البدنية وفيها قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (١): "صلوا كما رأيتموني أصلي". ومع ذلك قَبِلَ هذه الاجتهادات لأنها لا تخرجُ عن الهيئة التي حدَّدها الشارعُ. [ولأنها داخلة في العمومات التي ندب إلى أصلها الشارع]. فكلُّ حدٍّ لابد من الالتزام به، وما عدا ذلك فالأمر مُسعٌ ما دام داخلاً في الأصل المطلوب. هذه هي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وطريقته. وهذا في غاية الوضوح. ويؤخذُ منها ما أصَّله العلماء أن كل عمل يشهدُ له الشرع من الطلب ولم يصادم نصاً ولا تترتب عليه مفسدةٌ فليس داخلاً في حدود البدعة، بل هو من السنة وإن كان غيره أفضل: فالعبادات فيها المفضول وفيها الفاضل، ولا يعاب ولا يُبدعُ من استروح شيئاً منها ما دام الأصلُ عبادةً. والآن نأتي على شيء من الاجتهادات التي أقرها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في غير الصلاة، لترى كيف أقرها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

٤٢٣ - الحديث الخامس: حديثُ الرُّقية. وقد رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رهطاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم انطلقوا في سَفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم، فأبوا أن يضيفهم، فلُدغَ سيدُ ذلك الحي فسعوا له بكل شيء، لا ينفعه شيءٌ. فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذي نزل بكم لعله أن يكون عند بعضهم شيءٌ فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لُدغ فسعينا له


(١) البخاري (٢/ ١١١) -١٠ - كتاب الأذان -١٨ - باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة ..
أحمد (٥/ ٥٣).
الدارمي (١/ ٢٨٦) -كتاب الصلاة- باب من أحق بالإقامة.
٤٢٣ - البخاري (١٠/ ٢٠٩) -٧٦ - كتاب الطب -٣٩ - باب النفث في الرقية.

<<  <  ج: ص:  >  >>