للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في التفسير، فإن كان لابد من فهم الآية على أنها في ملكين أنزلا من السماء إلى الأرض، فإنهما ملكان مكلفان مطيعان يعلمان الناس السحر ليفرقوا بينه وبين المعجزة، كا نَعلمُ خطأ من يظن أن السؤال الذي ذكره الله على لسانهم سؤال اعتراض في قوله تعالى:

{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (١)؛ فسؤالهم كان سؤالاً عن الحكمة وليس اعتراضاً، وحاشاهم.

د- وكما أن البشر متفاضلون عند الله، وأكرمهم عنده الرسل وهم عنده متفاضلون، فكذلك الملائكة؛ قال تعالى:

{اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} (٢).

{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (٣).

ومظاهر هذه الرسالة كثيرة؛ أولها الرسالة بالوحي: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} (٤)، والرسالة بالبشرى أو بالإنذار: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى} (٥)، {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} (٦)، {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} (٧). {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا} (٨). وهناك الرسالة بالمهمات ومن ذلك قبض الأرواح: {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} (٩)، فأي ملك كلف بمهمة في حق غيره فإنه رسول من الله إلى ذلك الغير.

هـ- وأهل الإيمان يحبون الملائكة جميعاً: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى


(١) البقرة: ٣٠.
(٢) الحج: ٧٥.
(٣) فاطر: ١.
(٤) الشعراء: ١٩٣.
(٥) آل عمران: ٣٩.
(٦) آل عمران: ٤٢.
(٧) آل عمران،: ٤٥.
(٨) هود: ٧٧.
(٩) الأنعام: ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>