للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدجال؟ قال: ومن ذهب إلى أنه غيره احتج بحديث تميم الداري في قصة الجساسة قال: ويجوز أن توافق صفة ابن صياد صفة الدجال كما ثبت في الصحيح أن أشبه الناس بالدجال عبد العزى بن قطن. وليس كما قال وكان أمر ابن صياد فتنة ابتلى الله تعالى بها عباده فعصم الله تعالى منها المسلمين ووقاهم شرها. قال: وليس في حديث جابر أكثر من سكوت النبي صلى الله عليه وسلم لقول عمر فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان كالمتوقف في أمره ثم جاءه البيان أنه غيره كما صرح به في حديث تميم. هذا كلام البيهقي، وقد اختار أنه غيره وقد قدمنا أنه صح عن عمر وعن ابن عمر وجابر رضي الله عنهم أنه الدجال والله أعلم. فإن قيل: كيف لم يقتله النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه ادعى بحصرته النبوة؟ فالجواب من وجهين ذكرهما البيهقي وغيره، أحدهما: أنه كان غير بالغ، واختار القاضي عياض هذا الجواب، والثاني: أنه كان في أيام مهادنة اليهود وحلفائهم، وجزم الخطابي في معالم السنن بهذا الجواب الثاني، قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعد قدومه المدينة كتب بينه وبين اليهود كتاب صلح على أن لا يهاجوا ويتركوا على أمرهم وكان ابن صياد منهم أو دخيلًا فيهم. قال الخطابي: وأما امتحان النبي صلى الله عليه وسلم بما خبأه له من آية الدخان فلأنه كان يبلغه ما يدعيه من الكهانة ويتعاطاه من الكلام في الغيب فامتحنه ليعلم حقيقة حاله ويظهر إبطال حاله للصحابة وأنه كاهن ساحر يأتيه الشيطان فيلقي على لسانه ما يلقيه الشياطين إلى الكهنة فامتحنه بإضمار قول الله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} (١) وقال: (خبأت لك خبيئًا) فقال: هو الدخ أي الدخان وهي لغة فيه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (اخسأ فلن تعدو قدرك) أي لا تجاوز قدرك وقدر أمثالك من الكهان الذين يحفظون من إلقاء الشيطان كلمة واحدة من جملة كثيرة بخلاف الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، فإنهم يوحي الله تعالى إليهم من علم الغيب ما يوحي فيكون واضحًا كاملًا، وبخلاف ما يلهمه الله الأولياء من الكرامات والله أعلم. ا. هـ.

* * *


(١) الدخان: ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>