للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكذلك كتابهم سواء دون أو لم يُدوّن، كبيرًا كان أو صغيرًا، تقل إلى الناس باللفظ والمعنى أو بالمعنى دون اللفظ.

لكن القرآن خص بالذكر التوراة والإنجيل والزبور والقرآن وصحف إبراهم وموسى؛ فهذه لفظها ومعناها من الله عز وجل، وخص القرآن من بينها بأنه معجز، كما خص بخصائص أخرى، منها أن الله تولى حفظه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (١). وقامت هذه الأمة بتوفيق الله لها بحفظ كتابها، بينما كلف أهل الكتب الأخرى بأن يتولوا حفظها فلم يقوموا بحق الله عز وجل: {بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ} (٢).

- والظاهر أن الأسفار الخمسة الأولى من أسفار العهد القديم - وهي تعتبر عند اليهود التوراة - قد اختلطت فيها صحف موسى مع التوراة مع السيرة الذاتية لموسى عليه السلام مع قومه ومع فرعون، وهذا واضح من أدنى قراءة لهذه الأسفار، هذا مع التبديل والتحريف والزيادة والنقص مما تدل عليه أدلة كثيرة، وفي كتابنا الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي تفسيرنا برهنا على ذلك من خلال نصوص هذه الأسفار، ويكفينا ما شهد به القرآن عنهم: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} (٣)، {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} (٤)، {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} (٥) وهناك شيء آخر غير التوراة أنزل بمناسبات أخرى.

- والظاهر أن الأناجيل الحالية قد أختلط فيها كذلك ما هو من الإنجيل وما هو سيرة ذاتية للمسيح عليه الصلاة والسلام مع التحريف والتبديل، فالأناجيل المعتمدة عند نصارى اليوم مكتوبة بأقلام مدرسة بولس الذي حرف دين المسيح، وهناك أناجيل أخرى لم تُعقد واندرست، وكل ما وصلنا مما يسمى إنجيلًا نجده وكأنه سيرة ذاتية للمسيح عليه الصلاة والسلام فيه مقاطع؛ نحس بأنه بالإمكان أن تكون من الإنجيل، ولكنا لا نستطيع الجزم.


(١) الحجر: ٩.
(٢) المائدة: ٤٤.
(٣) النساء: ٤٦.
(٤) المائدة: ٤١.
(٥) البقرة: ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>