للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشُّنَّة في صحَّة وجود الدجَّال، وأنَّه شخص معيَّن، يبتلي الله به العباد، ويُقدِره على أشياء كإحياء الميت الذي يقتله، وظهور الخِصب، والأنهار، والجنَّة والنَّار، واتِّباع كنوز الأرض له فتُنبِت، وكل ذلك بمشيئة الله تعالى، ثم يُعجِزَه الله فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره، ثم يُبطِل أمره، ويقتله عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام.

وقال الشيخ أبو بكر بن العربي: الذي يظهر على يد الدَّجَّال من الآيات: من إنزال المطر والخِصب على من يُصدِّقه، والجدب على من يكذِّبه، واتباع كنوز الأرض له، وما معه من جنَّةٍ ونار، ومياه تجري، كل ذلك مِحْنة من الله واختبار، ليهلك المرتاب وينجو المتيقِّن، وكل ذلك أمر مُخوِّف، ولهذا قال صلى الله عليه وسلَّم: "لا فِتنة أعظم مِن فِتنة الدَّجَّال، وكان صلى الله عليه وسلَّم يستعيذُ منها في صلاته تشريعاً لأمته صلى الله عليه وسلَّم".

وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى في "شرح صحيح مسلم" ١٨: ٥٨ - ٥٩، بعد ذِكر أحاديث الدَّجَّال ... [وبعد ذِكر كلام القاضي عِياض السابق ذكره]:

هذا مذهب أهل السُّنَّة والجماعة وجميع المحدِّثين والفقهاء والنُّظَّار خلافاً لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج والجهْميَّة وبعض المعتزلة .. أهـ (التصريح).

أقول:

وقد ذهب بعض أهل العصر إلى مقولة لم يقلها أحد من قبل، فأّوَّل أحاديث الدجَّال بأن المراد بها الحضارة الغربيَّة لأنَّها حضارة عوراء وهو تأويل يكفر به من يعتقد أن النصوص لا تحتمل ذلك بحال من الأحوال، وهي نصوص متواترة والإجماع منعقد على أنها تصف شخصاً بعينه، وهناك فارق بين ما يحتمل التأويل وبين ما لا يحتمله، وهذا الفارق لا يعرفه إلا الراسخون في العلم، فإذا تنطَّع له من ليس مظنة العلم والاستقامة ضلَّ وأضَلَّ.

وهل الفِرَق الباطنية المجمع على كفرها إلا أصحاب التأويل الفاسد الذي يُخرِج قطعيات الشريعة إلى معانٍ أخرى؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>