للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيء في الدنيا حقيق بالغبطة عليه إلا هاتان الخصلتان: إنفاق المال، والعلم في سبيل الله عزَّ وجلَّ.

والفرق بين الحسد والغبطة أن الحسد تمني زوال النعمة عن الغير، والغبطة تمني الإنسان مثل ما لغيره من غير أن يزول عن الغير ماله.

وفي ذم الحسد آيات وأحاديث مشهورة.

ووحه قبح الحسد أنه اعتراض على الخالق ومعاندة له، حيث ينعم على زيد فيكره عمرو إنعامه عليه، ثم يحاول نقض فعله وإزالة فضله. وفي المعنى قول بعضهم (١):

ألاَ قُلْ لِمَنْ بَاتَ لِي حَاسِدًا ... أَتَدْرِي عَلَى مَنْ أَسَأْتَ الأَدَبْ

أَسَأْتَ عَلَى اللهِ فِي حُكْمِهِ ... لأَنَّكَ لَمْ تَرضَ لِي مَا وَهَبْ

يعني على الله عزَّ وجلَّ، حيث كرهت فضله وعاندت فعله.

وقال أبو الطيب (٢):

وَأَظْلَمُ أَهْلِ الأرْضِ مَنْ بَاتَ حَاسِدًا ... لِمَنْ بَاتَ فِي نَعْمَائِهِ يَتَقَلَّبُ

ووجه ظلم الحاسد أنه يجب عليه أن يحب لمحسوده ما يحب لنفسه، وهو لا يحب لنفسه زوال النعمة، فقد أسقط حق محسوده عليه، ولأن في الحسد


(١) وهو المعافى بن زكريا النهرواني الجريري المعروف بابن طرارة والبيتان في معجم الأدباء للحموي (٦/ ٢٧٠٤ طبعة إحسان عباس).
(٢) ديوان أبي الطيب المتنبي بشرح أبي البقاء العكبري. ١/ ١٨٥.
وفيه: وأظلم أهل الظلم.