للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: "إنك ما دعوتي ورجوتني غفرت لك" لأن الدعاء مخ العبادة، والرجاء يتضمن حسن الظن بالله عزَّ وجلَّ وهو يقول: "أنا عند ظن عبدي بي" (١) وعند ذلك تتوجه رحمة الله تعالى إلى العبد، وإذا توجهت لا يتعاظمها شيء لأنها وسعت كل شيء.

وقوله: "ولا أبالي" كأنَّه من البال، فإذا قال القائل: لا أبالي، كأنه قال: لا يشتغل بالي بهذا الأمر، أو شبيه (أ) بذلك.

قوله: "لو بلغت ذنوبك عنان السماء" إلى آخره أي: ملأت الأرض والفضاء حتى ارتفعت إلى السماء "ثم استغفرتني غفرت لك" وذلك لأن الله عزَّ وجلَّ كريم، والاستغفار استقالة والكريم يقبل العثرة ويغفر الزلة.

وقال حاتم الطائي:

وأَغْفِرُ عَوْرَاءَ الكَرِيمِ ادخَارَهُ ... وأُعْرِضُ عَن شَتْمِ اللَّئِيمِ تكَرُّمَا (٢)

وفي التنزيل {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [سورة نوح: ١١] {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [سورة هود: ٣] الآية ونحوها (ب). وفي الحديث "لو أنكم لا تذنبون لذهب الله بكم،


(أ) في م شبه.
(ب) في م ونحو هذا.
(١) سبق تخريجه.
(٢) ديوان شعر حاتم بن عبد الله الطائي وأخباره ص ٢٣٨ ورواية الديوان هكذا.
وأغفِرُ عَورَاءَ الكريمِ اصطِنَاعَهُ ... وأصفَحُ عن شتم اللئيم تكرمًا