للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقاديح، وضرب المثل بالقداح في تسوية الصفوف من أبلغ الأشياء في المعنى المراد منه؛ لأن القدح لا يصلح للأمر الذي عمل له إلا بعد الانتهاء إلى الغاية القصوى في الاستواء، وإنما جمع مع وقوع الكفاية بلفظ الواحد لمكان الصفوف أي: يسوى كل صف على حدته كما يسوي الصانع كل قدح على حدته.

وفيه: (أو ليخالفن الله بين وجوهكم) ذهب بعض المؤولون إلى أن المراد من الوجوه وجوه القلوب يعني هواها وإرادتها واستدل بحديث أبي مسعود الأنصاري الذي ذكر في هذا الباب: (لا تختلفوا فتختلف قلوبكم) وذكر عن علي- رضي الله عنه- أنه قال: (استووا فتستوي قلوبكم) والتأويل الأحسن والوجه الأسد أن نقول، نهاهم عن التسامح في اختلاف الأبدان دون القيام في صف الصلاة بين يدي الله تعالى فإنهم إذا فعلوا ذلك عوقبوا باختلاف القلوب، ويفضي بهم اختلاف القلوب إلى اختلاف الوجوه بإعراض يعضهم عن بعض.

[٧٤٦] ومنه: حديث عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ليليني أولو الأحلام منكم والنهى) الحديث الولي القرب والدنو، يقال: تباعدنا بعد ولي، وكل مما يليك أي: مما يقاربك، يقال: وليه يليه بالكسر فيهما، وهذا شاذ ومن [حق هذا] (١٠٣/أ) اللفظ أن يحذف منه الياء، لأنه على صيغة الأمر غير أن الرواة يروونها بإثبات الياء وسكونها ووجدناها مثبتة في رسم الخط في سائر كتب الحديث، فالظاهر أنه غلط من بعض الرواة على النمط الأول أثبتوا الياء في الخط على أصل الكلمة قبل دخول لام الأمر، فتداولتها ألسنة الرواة فأثبتوها في اللفظ. فأما من نصب الياء وجعل اللام فيها الناصبة، فالوجه فيه لو ثبتت الرواية أن يقال: اللام متعلقة بمحذوف دل عليه أول الحديث والراوي لم يذكر ذلك اختصارا للحديث وفيه تعسف بل ليس بشيء.

والحلم ضبط النفس عن هيجان الغضب، وجمعه أحلام. وفسرت بالعقول، وليس الحلم في الحقيقة هو العقل ولكن فسر به من مقتضيات العقل، والنهية: العقل النائي عن القبائح، وجمعها نهى والمعنى: ليدن مني العلماء النجباء أولو الأخطار، وذوو السكينة والوقار، وإنما أمرهم بالقرب منه ليحفظوا

<<  <  ج: ص:  >  >>