للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيه: (وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً):

هذا القول محتمل لوجهين:

أحدهما: أنكم تظلمونه بإدعائكم عليه منع الزكاة.

والثاني: أو تظلمونه بمطالبتكم إياه بما لم يلزمه من الحقوق.

ثم ذكر سناداً لقوله هذا، فقال: (قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله)، وهذا القول- أيضاً- محتمل لوجهين؛ بناء على ما تقدم من الوجهين:

أحدهما: أن يراد أني يقدم خالد على منع الزكاة، وهو فريضة من فرائض الله، وركن من أركان الإسلام، وهو محتسب باحتباس الأدراع والأعتد في سبيل [الله].

والآخر: أن يقال: إن خالداً جعل ذلك محتبساً في سبيل الله؛ فعلى ماذا يطالب [١٣٩/أ] بزكاته وقد فارق في الحكم عن عروض التجارة.

هذا إذا عده العامل من جملة الأموال المعدة للتجارة.

ويحتمل وجهاً ثالثاً، وهو: أن يقال: رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - لخالد أن يحتسب [....] في سبيل الله ما لزمه من الصدقة، وفيه بعد وتنافر، وإنما أوردناه [اقتفاء ... أهل] العلم في إيراده.

وقوله: (أعتده):

الأعتد: جمع المعتد، وهو الفرس الصلب المعد للركوب، وقيل: السريع الوثب؛ ويشهد لهذا التفسير ما ورد في بعض الروايات: (احتبس رقيقه ودوابه)، وفي (كتاب مسلم): (أعتاده) وهما بمعنى، ويروى: (عتادة)، ويصح أن تكون (الأعتد) جمع عتاد، وكذلك الأعتاد، وهو ما أعده الرجل من السلاح والدواب والآلة في الحرب، ويجمع- أيضاً- على (أعتد) بكسر التاء، ومن الناس من يرويه (أعبده) بالباء على جمع عبد، وهو تصحيف صحفي لم يأخذ العلم من أفواه الرجال، وفي بعض طرق الحديث أن خالد بن الوليد جعل رقيقه وأعتده حبساً في سبيل [الله].

وفيه: (وأما العباس: فهي على ومثلها معها): ذهب بعض العلماء في تأويله: إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان تسلف من العباس صدقة عامين.

أحدهما: صدقة ذلك العام الذي شكاه العامل فيها، والأخرى: صدقة عام آخر.

قلت: وفي هذا نظر؛ لأن تعجيل الصدقة للسنتين، وإن ذكر فيه حديث، فإنه غير محظوظ، وإنما المحفوظ الثابت منه: أن العباس سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تعجيل صدقته، قبل أن تحل، فرخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك.

والعجب: أن صاحب هذا التأويل لم يجوز تعجيل الصدقة لأكثر من عام واحد.

وقيل: يحتمل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استلف منه مالاً لينفقه في سبيل الله، ثم يحتسب له عن الصدقة عند حلولها.

<<  <  ج: ص:  >  >>