للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه: (وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي) أي: أهلك بالخسف؛ والأصل في الاغتيال أن يؤتى المرء من حيث لا يشعر، وأن يدهى بمكروه ولم يرتقبه؛ قال الله تعالى: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم}.

[١٦٦١] ومنه حديث علي رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند مضجعه: (اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم، وكلماتك التامات ..) الحديث.

العرب تطلق الكريم على الشيء النافع الذي يدوم نفعه، ويسهل تناوله، وكل شيء يشرف في بابه يصفونه بالكرم، ولا يستعمل الكرم في وصف أحد إلا في المحاسن الكثيرة، ولا يقال كريم حتى يظهر ذلك منه، والمراد من الوجه قيل هو ذات الله تعالى، والعرب تقول: أكرم الله وجهك أي: أكرمك، ويستعمل الوجه في أشرف ما يقصد، وأعظم ما يبتغي، ووجه الله الكريم أشرف ما يتوجه إليه، وأكرم ما يتوصل به؛ ولهذا المعنى قال نبي الله عز وجل - صلى الله عليه وسلم -: (لا يسأل بوجه الله إلا الجنة) كراهة أن يسأل به السائلون عرضاً من أعراض الدنيا. تفسير كلمات الله التامات قد مر، فأما اختصاص وجه الله الكريم وكلماته التامات بالذكر عند الاستعاذة هو أن العوذ إنما يصح بمن انتهى كرمه، وعلا شأنه، وكملت قدرته، فلا يخذل المستعيذ به ولا يسلمه ولا يخيب رجاءه، ولا يعجزه عن أمره، ولا يحيله إلى غيره، وذلك مما لا يوجد إلا عند الله، ولا ينال إلا منه، وذكر كلمات الله تعالى ليعلم أن الاستعاذة بها كالاستعاذة بالله مع ما تتضمنه من الإشارة اللطيفة وهي أن الكلمة الواحدة منها تسد مسد الحاجة العبد ولو عظمت، قال اله تعالى: {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون}.

<<  <  ج: ص:  >  >>