للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بمعنى النصيب؛ فإن الكفل يقال للحظ الذي فيه الكفاية؛ كأنه تكفل بأمر صاحبه، وكم من مثل هذه الألفاظ قد استعملت في معاني قد اختصت بها، ثم شاعت واتسعت في غيرها؛ فكذلك ههنا.

وحقيقة المعنى في قوله: (كفل من دمها) أي: نصيب يكفل بأمره؛ فيوفيه جزاء ما ارتكبه من الإثم، وعقوبة ما سنه من القتل.

ويجوز أن يكون (الكفل) بمعنى الكفيل، والمراد منه: أن أقام كفيلا بفعله الذي سنه في الناس يسلمه إلى عذاب الله، كما قيل: (من ظلم، فقد أقام كفيلا بظلمه).

(ومن الحسان)

[١٥٢] حديث أبي الدرداء: رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من سلك طريقا ... الحديث).

إنما نكر (علما) في قوله: (من سلم طريقا يلتمس فيه علما)؛ ليتناول كل نوع من أنواع علوم الدين، ويندرج تحته قليل العلم وكثيره.

وفيه: (وإن الملائكة لتضع أجنحتها ...)، يحتمل: أنه - صلى الله عليه وسلم - أراد به تليين الجانب والانقياد، فألقى عليه بالرحمة والانعطاف؛ وذلك مثل قوله سبحانه: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} ويحتمل أن المراد منه: فرش الأجنحة تواضعا لطالب العلم؛ حيث يبذل وسعه في استغاء مرضاة الله، سيما إذا وجدت سائر أحواله مشاكلة لطلب العلم.

ويحتمل: أن المراد من الملائكة- ههنا- العموم.

ويحتمل: أن المراد منها الكرام الكاتبون.

ويحتمل: أن يكون صنيعهم هذا في الدنيا، ويحتمل: أن يكون في الآخرة.

ويحتمل: أن يكون في الدارين جميعا.

وكل ذلك: توقير الملائكة طلاب العلم، والاستشعار في أنفسهم تعظيما لهم، والنظر إليهم بعين المهابة والجلال؛ فضرب المثل بما ضرب؛ تحقيقا لتلك المعاني!

وفيه (وإن العالم ليستغفر له من في السموات والأرض .. الحديث).

<<  <  ج: ص:  >  >>