للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: ليس هذا من القيام الذي يراد به التعظيم على ما كان يتعاهده الأعاجم في شئ، وكيف يجوز أن يأمر بما صح أنه نهى عنه، وعرف منه النكير فيه إلى آخر العهد، وإنما كان سعد بن معاذ وجعا لما رمى في أكحله، مخوفا عليه من الحركة، حذرا من سيلان العرق بالدم، وقد أتى به يومئذ للحكم الذي سلمت بنو قريظة إليه عند النزول على حكمه، فأمرهم بالقيام إليه ليعينوه على النزول من الحمار، ويرفقوا به فلا يصيبه ألم، ولا يضطر إلى حركة ينفجر منه العرق، فكان معنى قوله: (قوموا إليه) أى: إلى إعانته وإنزاله من المركب، ولو كان يريد به التوقير والتعظيم لقال (قوموا لسيدكم) وما ذكر في قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - لعكرمة بن أبي جهل عند قدومه عليه، وما يروى عن عدي بن حاتم (ما دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا قام لي أو تحرك لي) فإن ذلك لا يصح الاحتجاج به لضعفه، والمشهور عن عدى (إلا وسع لي) ولو ثبت فالوجه فيه أن يحمل على الترخيص حيث يقتضيه الحال، وقد كان عكرمة من رؤساء قريش، وعدى كان من سيد بني طئ، فرأى تأليفهما بذلك على الإسلام، أو عرف من جانبهما تطلعا عليه، على حسب ما يقتضيه حب الرياسة. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>