للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السماء يعني على العرش، وقد تكون في بمعنى: على، ألا ترى إلى قوله تعالى: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} [التوبة/٢] أي على الأرض، وكذلك قوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه/٧١]، وهذا كله يعضده قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج/٤]. وما كان مثله مما تلونا من الآيات في هذا الباب، وهذه الآيات كلها واضحات في إبطال قول المعتزلة.

وأما ادعاؤهم المجاز في الاستواء وقولهم في تأويل استوى: استولى، فلا معنى له لأنه غير ظاهر في اللغة، ومعنى الاستيلاء في اللغة المغالبة، والله تعالى لا يغالبه أحد (١)، وهو الواحد الصمد.

ومن حق الكلام أن يحمل على حقيقته، حتى تتفق الأمة أنه أُريد به المجاز، إذ لا سبيل إلى اتباع ما أُنزل إلينا من ربنا تعالى إلا على ذلك، وإنما يوجه كلام الله عز وجل على الأشهر والأظهر من وجوهه؛ ما لم يمنع من ذلك ما يجب له التسليم، ولو ساغ ادِّعاء المجاز لكل مدَّع ما ثبت شيء من العبادات وجلَّ الله أن يخاطِب إلا بما تفهمه العرب من معهود مخاطباتها؛ مما (٢) يصح معناه عند السامعين، والاستواء معلوم في اللغة مفهوم، وهو: العلو والارتفاع على الشيء والاستقرار والتمكُّن فيه.


(١) في التمهيد: «لا يغالبه ولا يعلوه أحد».
(٢) في (ب): «بما».

<<  <  ج: ص:  >  >>