للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن كان الأول؛ فقد لزمَ إبطالُ دلالةِ المناسبة والدوران بالتقديرات الممتنعة، وإن كان الثاني؛ فالدليل إذًا مركَّب من مسمَّى المناسبة والدوران ومن خَصِيْصة أخرى، وهو خلاف ما ذكره المستدلُّ.

قوله (١): (أو نقول: لو وَجَبت لكانت العلةُ محقَّقة (٢) لا محالة، وغير المشترك ليس بعلَّة؛ لأنه غير ثابت، أو غير علة بالأصل).

هذا الكلامُ أقرب مما تقدَّم. ومعناه أنه يقول: لو وَجَبت الزكاةُ في الحلي لكان للوجوب علة، فإما أن تكون العلة ما بَيْنَه وبين الحلية الجوهرية من المشترك، أو غير ذلك، والثاني معدوم بالأصل النافي لوجوده أوَّلًا، وبالأصل النافي لعِلِّيَّتِهِ ثانيًا (٣)، فإن الأصلَ عدمُ ثبوته، والأصل بعد ثبوته عدم كونه علة، وإذا دلَّ الأصلُ على عدم ما سوى المشترك تعيَّن كونُ المشترك علة، ولو كان المشترك علةً للزم الوجوب في الصورتَين، والثاني باطل فالمقدم (٤) مثله.

وهو كلام فاسدٌ أيضًا من وجوه:

أحدهما: لا نسلِّم أنه لو وَجَبت لكانت العلة محققة؛ لأن الأحكام منقسمة إلى ما يُعَلَّل وما لا يُعَلّل، والمُعَلَّل في نفس الأمر منقسم إلى ما تعقل عِلّته، وإلى ما لا تعقل عِلّته، فلِمَ قلتَ: إنَّ هذا من الأحكام المعلَّلة المعقولة علَّتُها؟


(١) «الفصول» (ق ٧ أ).
(٢) «الفصول»: «متحققة».
(٣) رسمها في «الأصل»: «ثابتًا».
(٤) الأصل: «بالمقدم».