للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدها: أن المستدلَّ يقول: لم أدَّع وجوبَ الزكاة في كلِّ حُليٍّ، ولا نصبتُ الدليلَ على ذلك، فإنه من المعلوم أن (١) حليَّ الكفار الذي في المغانم، وبيت المال، ونحو ذلك، لا زكاة [فيه]، وعبارتي لم تدل على ذلك؛ لأني إنما قلتُ: الحلي تجب فيه الزكاة، واللام في «الزكاة» للتعريف، والزكاةُ المعروفة هي التي أوجبها الله، وهي إنما تجبُ على مالكٍ مخصوصٍ بشروط مخصوصةٍ. أو الزكاة المعروفة إنما تجب على من تجب عليه زكاة المضروب، إذ عندي أن الزكاة التي أوجبها الله لا تجب في مال الصبي والمجنون، ومن قال: الزكاةُ تجب في هذا أو لا تجبُ لم يكن عليه أن يتعرَّض بشروط (٢) الوجوب التي لا تختصُّ بتلك المسألة، للعلمِ بأن ما لم يوجد فيه تلك الشروط لم يكن فيه زكاة.

الثاني: أن يقول: إنما قلتُ: الزكاةُ واجبة في حليِّ النساءِ، ومعلومٌ أن هذا يحصل بإيجابه في حليِّ امرأة واحدةٍ؛ لأن اللام لتعريف الحقيقة والماهية، والحقيقة تحصل بحصول فردٍ من أفرادها، فإذا وجبت زكاةٌ في حليِّ امرأة صحَّ أن يقال: وجبتِ الزكاةُ في حُليِّ النساء، وذلك لأن اللام ليست للاستغراق؛ لأن الزكاةَ الواجبةَ في النوع الواحد ليست أنواعًا، وإنما هي نوع واحد.

الثالث (٣): أن يقال: من فصيح الكلام وجيِّدِه الإطلاقُ والتعميمُ عند ظهور قصد التخصيص والتقييد، وعلى هذه الطريقة [ق ١٨٨] الخطابُ


(١) الأصل: «أنه».
(٢) كذا في الأصل، ولعلها «لشروط».
(٣) وانظر في تقرير هذا الوجه: «درء التعارض»: (٥/ ٢٣١ - ٢٣٤)، و «بيان الدليل».