للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

راجحة على مصلحةٍ إن كانت فيه، وحينئذٍ فلا [ق ٢٧٤] بُدَّ أن يشتمل على مفسدة لا تُعارِضها مصلحة بقدرها، وهي مفسدة خالصة حينئذٍ، ولو قال: «على المفسدة الخالصة» لكان أجود من قوله: «الراجحة»؛ لأن كلّ راجحة فإنها تؤول إلى مفسدة خالصة، وليست كلُّ خالصةٍ تكون راجحة؛ لأن الرجحان إنما يكون عند تقابل المصالح والمفاسد، ومن الأفعال ما لا مصلحةَ فيه، فقوله: «لابدَّ أن يشتمل على المفسدة الراجحة»، فيه مناقشة؛ لأن المشتمل على المفسدة المحضة لا يقال: إنه مشتمل على مفسدة راجحة، اللهم إلا أن يقال: معناه أن أحسنَ أحواله اشتمالُه على مفسدةٍ راجحة، أو يقال: إنه ما من فعل إلا وفيه مصلحة ولو كونه موجودًا (١)، أو كونه موافقًا لغرض الفاعل من بعض الوجوه، أو يُقال: إن المفسدةَ الخالصةَ تُشْعِر خلوَّ الفعلِ عن المصلحة بالكلية، فهذا هذا، ووَجْه الحصر: أنَّ الفعلَ إما أن يكون فيه فساد (٢) أو لا يكون، فإذا لم يكن فيه فساد لم يَجُز النهيُ عنه؛ لأنه حينئذٍ إما أن يكون متساويَ الطرفين، بحيث يصحّ أن يقال: لا فسادَ فيه ولا صلاح، أو يكون فيه صلاح من غير فساد، وعلى التقديرين فلا وَجْه للمنع منه، ومهما فُرِضَ [خلوّ] (٣) النهي عن عبثٍ أو لعبٍ أو لهوٍ فلا بدَّ من اشتماله على فساد.

ومن الناس من يقول لِمَا لا مصلحة فيه ولا مفسدة: قبيح؛ لأنه عَبَث وإضاعة للزمان، فيجب النهي عنه، وفي الحقيقة فهذا قد تضمَّن المفسدة،


(١) كذا في الأصل، ولعلها «مرغوبًا» أو نحوها.
(٢) الأصل: «فسادًا».
(٣) زيادة يستقيم بها السياق.