للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابع: أن من خالفهم في الحكم الذي أَفْتَوا به، لا يكون متبعًا لهم أصلًا، بدليل أنَّ من خالف مجتهدًا من المجتهدين في مسألة بعد اجتهاده لا يصحُّ أن يقال: اتبعتُه (١)، وإن قيل فلا بدَّ من تقييده بأن يُقال: اتبعتُه في الاستدلال والاجتهاد.

الخامس: أن الاتِّباع افتعالٌ من التَّبَع (٢)، وكون الإنسان تابعًا لغيره نوعُ افتقارٍ إليه و (٣) مَشْيٍ خَلْفَه. وكلُّ واحدٍ من المجتهدين المستدلِّين ليس تبعًا للآخر، ولا مفتقرًا إليه بمجرَّد ذلك، حتى يستَشْعِر موافقتَه والانقيادَ له، ولهذا لا يصح أن يُقال لمن وافقَ رجلًا في اجتهاده أو تبع (٤) فتواه اتفاقًا: إنه مُتَّبِع له.

السادس: أن الآية قصد بها مدح السابقين والثناء عليهم، وبيان استحقاقهم أن يكونوا أئمة متبوعين، وبتقدير أن لا يكون قولهم [ق ٢٩٤] موجبًا للموافقة، ولا مانعًا من المخالفة ــ بل إنما يتبع القياس مثلًا ــ لا يكون لهم هذا المنصب، ولا يستحقون هذا المدح والثناء.

السابع: أن من خالفهم في خصوص حكمٍ، فلم يتَّبعهم في ذلك الحكم ولا فيما استدلُّوا به على ذلك الحكم، فلا يكون متبعًا لهم لمشاركتهم في صفة عامة، وهي مُطْلق الاستدلال والاجتهاد، لاسيَّما وتلك الصِّفة العامة لا اختصاص لها به، لأن ما ينفي الاتباع أخص مما يثبته، وإذا وُجِد الفارقُ الأخصُّ والجامعُ الأعمُّ ــ وكلاهما مؤثِّر ــ كان التفريق رعايةً للفارق أولى


(١) «الإعلام»: «اتبعه» وكذا ما بعدها.
(٢) «الإعلام»: «اتبع».
(٣) تحتمل: «أو».
(٤) غير واضحة، ولعلها ما أثبت أو بمعناه.