للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: ١١]، واللام في «العلم» ليست للاستغراق، وإنما هي ــ والله أعلم ــ للعهد، أي: العلم الذي بعثَ اللهُ به نبيَّه، وإذا كانوا قد أوتوا العلم الديني كان اتباعهم واجبًا، لأن المقصود إنما هو معرفة علم الدين.

وقد قال تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩] ومنهم العلماءُ والفقهاء.

الوجه السابع: قوله سبحانه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: ١١٠]، شهد لهم القرآن بأنهم يأمرون بكلِّ معروفٍ وينهون عن كلِّ منكر، فلو كانت الحادثة في زمانهم لم يُفْتِ فيها إلا من أخطأ منهم= لم يكن أحدٌ منهم قد أمر فيها بمعروفٍ ولا نهى فيها عن المنكر، فإن الصواب معروف بلا شك، والخطأ منكر من بعض الوجوه، ولولا ذلك لما صحَّ التمسُّك بهذه الآية على كون الإجماع حجة، وإذا كان هذا باطلًا عُلِم أنَّ خطأَ من تكلَّم منهم في العلم إذا لم يخالفه غيره ممتنع، وذلك يقتضي أن قولَه حجةٌ.

الوجه الثامن (١): ما خرَّجوه في الصحاح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه أنه قال: «خيرُ القرون القرن الذي بُعِثْتُ فيه، ثم الذين يَلُونَهم، ثم الذين يلونهم» (٢). أخبر - صلى الله عليه وسلم - أن خير القرون قرنُه مطلقًا، وذلك يقتضي تقدمهم في


(١) أضاف ابن القيم ستة أدلة من القرآن، وهي عنده من الوجه الثامن حتى الثالث عشر (٥/ ٥٦٩ - ٥٧٤)، ثم عاد إلى النقل من هنا، فهذا الوجه هو الرابع عشر عنده.
(٢) أخرجه البخاري رقم (٢٦٥١)، ومسلم رقم (٢٥٣٥) من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - وأخرجاه أيضًا من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - بلفظ: «خير الناس قرني ... ».