للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نعم، الذي يمكن أن يُقالَ: لو وجبَتْ على المدينِ لوجبَ كونُ الفقير مرادًا من هذا النصّ، إذا بيَّن أن النافي للإرادة يزول على هذا التقدير، فيعمل مقتضي الإرادة عمله، فيحتاج أن يبيِّن أن النافي لإرادة الفقير يزول على هذا التقدير. وحينئذٍ يحتاج إلى الخوض في فقه المسألة، ولا تُغنيه الأدلة العامةُ، لأنّا قد علمنا أن الفقير ليس بمرادٍ من النصّ، فدعوى إرادته على تقديرٍ يحتاجُ إلى دليلٍ ينشأُ من ذلك التقدير.

فلو قال: هو جائز الإرادة على ذلك التقدير، فلا نسلِّم أنه جائز الإرادة على ذلك التقدير، ولئن سلَّمنا جواز الإرادة [فلا نُسلم أنه] (١) يقتضي الإرادة، كما سيأتي إن شاء الله. ولو سلَّمنا له أنّ جواز الإرادة [يقتضي] الإرادة فإنما تقتضيه (٢) إذا كان الجواز ثابتًا في نفس الأمر، أما إذا كان جائز الإرادة على تقدير غير واقع لم يلزم أن يكون مرادًا.

وهنا وجوب الزكاة على المدين ليس واقعًا عند المستدل، وإنما يجوز كون الفقير مرادًا بتقدير الوجوب على المدين، فإذَنْ هو جائز الإرادة بتقدير غير واقع عنده، ومعلومٌ أن ما هو كذلك [ق ٣] لا يكون مرادًا، لأن ذلك الجواز منتفٍ في نفس الأمر لانتفاء تقديره في نفس الأمر، وإذا كان الجواز منتفيًا كان غيرَ واقع، فلا يكون جائز الإرادة في نفس الأمر، فلا يصحّ الاستدلالُ به على الإرادة، لأن ذلك الدليل إنما يدلُّ على الواقع لا على غير الواقع.

أو يقال: ليس جائز الإرادة على هذا التقدير بالإجماع، أما عند المستدل


(١) هنا طمس في الأصل، وكذا في المواضع الآتية، ولعل الساقط ما أثبته.
(٢) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "يقتضيها".