للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الرواي: حتى رأينا أن لا حق لأحد منّا في فضل أو كما جاء، وقد روي «طوبى لمن أعطى الفضل من ماله، وأمسك الفضلَ من لسانه» وهذا على سبيل الندب والاستحباب ألا تراه عدل عنه إلى ما هو أسهل منه، وهو قوله: «فتطعم الطعام، وتُفشي السلام» ... " (١).

وقال في موضع آخر عند الكلام على شرح صدر النبي - صلى الله عليه وسلم -: " كما ذكره مسلم في حديثه وبيّن فيه أنه «أخرَج منه علقة فألقاها وقال: هذا حظ الشيطان منك» والعلقة: قطعةُ دم تكون في تجويف القلب وتسمّى السُويداء والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ومن القلب تَجري الحياةُ في البدن وهي التي يقول لها الأطباء الروح والقوة والشهوة والحياة تنبعث من القلب ولهذا كان القلب ملك البدن وكان إذا صلح صلح الجسد كله وإذا فسد فسد الجسد كله والقلب ما دامت فيه تلك العَلقَة يدخل الشيطان فيه فهي بَيْتُه منها يتصرف بالوسوسة فأُخرِجت من النبي - صلى الله عليه وسلم - وغُسل مكانها فلم يبق للشيطان عليه سبيل أصلاً ولا بقي له بيت يدخل فيه ولا مسكن وكان يقول - صلى الله عليه وسلم -: «ما من أحد إلا وقد وكل به قرينه، قالوا: وأنتَ يا رسول الله، قال: وأنا لكن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير» وليس المراد أسلم أنا بل أسلم هو من الاستسلام لا من إيمان لأنه قال: «فلا يأمرني إلا بخير» لأنه انقاد وانطاعَ فبقي لا يأمره إلا بما يناسبُ حاله من الخير - صلى الله عليه وسلم - " (٢).

وقال في موضع آخر عند الكلام على التواضع والمسكنة لله تعالى وترك التكبُّر والتجبُّر: "عن حارثة بن وهب الخزاعي - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ألا أخبركم بأهل الجنة، كل ضعيفٍ متضعِّف، لو أقسمَ على الله لأبرَّهُ، ألا أخبركم بأهلِ النار، كل عُتُلِّ جوَّاظٍ مستكبر» ... وقوله في الحديث «عُتُلِّ» العتلُّ: الشديد الخصومة الجافي، اللئيمُ الضريبة، وقال

ابن عرفة: هو الفظُّ الغليظُ الذي لا ينقادُ لخير؛ وقوله: «جوَّاظ» الجواظ: هو الكثيرُ اللحم، المختالُ في مشيته" (٣).


(١) الأربعون الصحيحة فيما دون أجر المنيحة، ص ٢٢ - ٢٤.
(٢) خصائص سيد العالمين [ق ٧٩/ظ]-[ق ٨٠/و].
(٣) الأربعون الصحيحة فيما دون أجر المنيحة، ص ١٤٠، ١٣٧ - ١٤١.

<<  <   >  >>