للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزُّمَر: من الآية ٣].

لكن لعل الإمام جمال الدين السرمري عفا الله عنه لم يرد هذا، وإنما قصد محبتهم التي هي من العمل الصالح، لا سيما أن هذه الألفاظ الموهمة جاءت في سياق نظم، والوزن أحياناً يعيق عن الإفصاح.

أما منهج أهل السنة والجماعة في هذه المسألة هو منع التوسل بغير الله من المخلوقين:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وإن أراد بالواسطة: أنه لابد من واسطة في جلب المنافع ودفع المضار مثل: أن يكون واسطة في رزق العباد، ونصرهم، وهداهم، يسألونه ذلك، ويرجون إليه فيه، فهذا من أعظم الشرك الذي كفر الله به المشركين، حيث اتخذوا من دون الله أولياء وشفعاء، يجتلبون بهم المنافع ويجتنبون المضار" (١).

وقال الإمام العز بن عبد السلام: "ومن أثبت الأنبياء وسواهم من مشايخ العلم والدين وسائط بين الله وبين خلقه كالحجّاب الذين بين الملك ورعيته، بحيث يكونون هم يرفعون إلى

الله تعالى حوائج خلقه، وأن الله تعالى إنما يهدي عباده ويرزقهم وينصرهم بتوسطهم، بمعنى أن الخلق يسألونهم، وهم يسألون الله كما أن الوسائط عند الملوك يسألون الملك حوائج الناس لقربهم منهم، والناس يسألونهم أدباً منهم أن يباشروا سؤال الملك، ولأن طلبهم من الوسائط أنفع لهم من طلبهم من الملك، لكونهم أقرب إلى الملك من الطلب، فمن أثبتهم وسائط على هذه الوجه فهو كافر مشرك يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وهؤلاء مشبِّهون لله، شبهوا الخالق بالمخلوق، وجعلوا لله أنداداً ... " (٢).


(١) مجموع الفتاوى (١/ ١٢٣ - ١٢٤).
(٢) التوسل أنواعه وأحكامه ص ٩٧، لمحمد ناصر الدين الألباني، تنسيق: محمد عيد عباسي، الطبعة الخامسة ١٤٠٦، المكتب الإسلامي.

<<  <   >  >>