للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في هذه الظروف كان الوزير الشيعي ابن العلقمي (١) يدير مؤامرة كبرى للقضاء على دولة الخلافة، وإبادة أهل السنة، وإقامة دولة على مذهب الشيعة الرافضة، فاستغل منصبه، وحظوظه عند الخليفة، وبدأ ينفث سمومه رويداً رويداً في قلب الخلافة العباسية ليضعفها، وقد حاك خيوط المؤامرة بوسائل متعددة، ومن أهمها (٢):

١ - تقليل قوام الجيش:

قال ابن كثير - رحمه الله -: "وكان الوزير ابن العلقمي قبل هذه الحادثة يجتهد في صرف الجيوش وإسقاط اسمهم من الديوان، فكانت العساكر في آخر أيام المستنصر -والد المستعصم- قريباً من مائة ألف مقاتل ... فلم يزل يجتهد في تقليلهم إلى أن لم يبق سوى عشرة آلاف" (٣).

٢ - معاداة أهل السنة:

فقد زادت تحركات العناصر الشريرة في الدولة تحت وصاية الوزير ابن العلقمي ضد علماء السنة وأكابر البلد (٤).

٣ - اتصالات سرية مع العدو:

قال ابن كثير عنه: "كاتب التتار وأطمعهم في أخذ البلاد وسهل عليهم ذلك، وحكى لهم حقيقة الحال، وكشف لهم ضعف الرجال، وذلك كله مطمعاً منه أن يزيل السنة بالكلية، وأن يظهر بدعة الرافضة، وأن يقيم خليفة من الفاطميين، وأن يبيد العلماء والمفتين ... " (٥).

وكان يناصره في هذه الخيانة نصير الشرك الطوسي (٦).


(١) محمد بن أحمد (أو محمد بن محمد بن أحمد) بن علي، مؤيد الدين المعروف بابن العلقمي البغدادي الرافضي، كان غالياً في التشيع إلى غاية ما يكون، وكان وزيراً للمستعصم بالله، توفي سنة ٦٥٦. انظر: سير أعلام النبلاء (٢٣/ ٣٦١ - ٣٦٢)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، الطبعة التاسعة ١٤١٣، مؤسسة الرسالة، بيروت؛ الأعلام (٥/ ٣٢١)، الطبعة الخامسة عشر، عام ٢٠٠٢ م، دار العلم للملايين، بيروت، وقد وصفه مؤلف الأعلام بقوله: "صاحب الجريمة النكراء".
(٢) انظر: أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (٢/ ١٠٠٣ - ١٠٠٤)، لعلي الصلابي، مكتبة الصحابة، الإمارات، ١٤٢٥.
(٣) البداية والنهاية (١٣/ ٢٣٥)، تحقيق: علي شيري، الطبعة الأولى ١٤٠٨، دار إحياء التراث العربي.
(٤) انظر: مقدمة تحقيق (الحمية الإسلامية في الانتصار لمذهب ابن تيمية) ص ١١، لصلاح الدين مقبول أحمد، الطبعة الأولى ١٤١٢، مجمع البحوث الإسلامية، الهند.
(٥) البداية والنهاية (١٣/ ٢٣٥).
(٦) هو محمد بن محمد بن الحسن، أبو جعفر، وكان يقال له: نصير الدين، فيلسوف، توفي سنة ٦٧٢. انظر: الأعلام (٧/ ٣٠)، قال عنه ابن القيم في إغاثة اللهفان (٢/ ٢٦٧)، تحقيق: محمد حامد الفقي، الطبعة الثانية ١٣٩٥، دار المعرفة، بيروت: "نصير الشرك والكفر وزير الملاحدة وزير هلاكو ... قتل الخليفة والقضاة والفقهاء والمحدثين واستبقى الفلاسفة والمنجمين والطبائعيين والسحرة ... ".

<<  <   >  >>