للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قاله طائفة من أهل الحديث وابن الزاغوني يميل إلى هذا في مصنفه في حياة الأنبياء في قبورهم وقد بسط الكلام على هذا في مواضع، والمقصود هنا: أن كثيراً من أهل الكلام ينكر أن يكون للنفس وجود بعد الموت ولا ثواب ولا عقاب ويزعمون أنه لم يدل على ذلك القرآن والحديث كما أن أن الذين أنكروا عذاب القبر والبرزخ مطلقاً زعموا أنه لم يدل على ذلك القرآن وهو غلط، بل القرآن قد بين في غير موضع بقاء النفس بعد فراق البدن وبيَّن النعيم والعذاب في البرزخ ... " (١).

وقد أنكر بعض المعتزلة وغيرهم سؤال الملكين، قال التفتازاني: "اتفق الإسلاميون على حقيقة سؤال منكر ونكير في القبر وعذاب الكفار وبعض العصاة فيه ونسب خلافه إلى بعض المعتزلة قال بعض المتأخرين منهم حكي إنكار ذلك عن ضرار بن عمرو وإنما نسب إلى المعتزلة وهم براء منه لمخالطة ضرار إياهم وتبعه قوم من السفهاء المعاندين للحق" (٢).

أما قول جمال الدين السرمري: " وبينهما لا شك في عصرة القبر" (٣)، فصحيح موافق لما ثبت في النصوص، وعصرة القبر هي: هي أول ما يلاقيه الميت حين يوضع في قبره، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن للقبر ضغطة، ولو كان أحد ناجياً منها نجا منها سعد بن

معاذ» (٤)، وقد علق الألباني على هذا الحديث في الصحيحة (١٦٩٥) فقال: "وجملة القول أن الحديث بمجموع طرقه وشواهده صحيح بلا ريب، فنسأل الله تعالى أن يهون علينا ضغطة القبر إنه نعم المجيب" (٥).

وأما قول جمال الدين السرمري أنه يستثنى الرسلُ عليهم السلام من فتنة القبر وسؤال الملكين، فلعل ما ذهب إليه السرمري هو الظاهر في المسألة، ويدل على ذلك الأحاديث


(١) مجموع الفتاوى (٤/ ٢٦٢).
(٢) شرح المقاصد في علم الكلام (٢/ ٢٢٠).
(٣) نهج الرشاد في نظم الاعتقاد، ص ٣٨.
(٤) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٤٠/ ٣٢٧) ح ٢٤٢٨٣، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرون، الطبعة الثانية ١٤٢٠، مؤسسة الرسالة.
(٥) سلسلة الأحاديث الصحيحة (٤/ ٢٧١).

<<  <   >  >>