للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال القرطبي: "أصل الشفاعة والشفعة ونحوها من الشفع وهو الزوج في العدد، ومنه الشفيع، لأنه يصير مع صاحب الحاجة شفعاً، ومنه ناقة شفوع إذا جمعت بين محلبين في حلبة واحدة، وناقة شفيع إذا اجتمع لها حمل وولد يتبعها، والشفع ضم واحد إلى واحد، والشفعة ضم ملك الشريك إلى ملكك؛ فالشفاعة إذا ضم غيرك إلى جاهك ووسيلتك، فهي على التحقيق إظهار لمنزلة الشفيع عند المشفع وإيصال المنفعة إلى المشفوع له" (١).

أما الشفاعة في الاصطلاح كما قال ابن الأثير: "هي السؤال في التجاوز عن الذنوب والجرائم بينهم" (٢).

وقد دل الكتاب والسنة على وقوع الشفاعة يوم القيامة، وهي تقع بشرطين:

أحدهما: أن يكون بعد إذن الله تعالى للشافع.

والثاني: أن يرضى الله عن المشفوع له.

وقال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: من الآية ٢٥٥] وقال تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: من الآية ٢٨]. أما من السنة: فإن الأحاديث التي جاءت في إثبات الشفاعة قد بلغت حد التواتر (٣).

والإيمان بالشفاعة من أصول الإيمان باليوم الآخر التي أجمع عليها أهل السنة والجماعة، خلافاً للمعتزلة والخوراج.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن أحاديث الشفاعة في أهل الكبائر ثابتة متواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد اتفق عليها السلف من الصحابة وتابعيهم بإحسان وأئمة المسلمين، وإنما نازع في ذلك أهل البدع من الخوارج والمعتزلة ونحوهم" (٤).

وقد قرر الإمام جمال الدين السرمري هذا الأصل في غير ما موضع.


(١) الجامع لأحكام القرآن (٥/ ٢٩٥).
(٢) النهاية في غريب الأثر (٢/ ١١٨٤).
(٣) انظر: نظم المتناثر ص ٢٣٤ - ٢٣٦.
(٤) مجموع الفتاوى (٤/ ٣٠٩).

<<  <   >  >>