للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين الصحابة، ويقولون: إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ماهو كذب ومنها ما قدر زيد ونُقص وغُيِّر عن وجهه، والصحيح منه: هم فيه معذورون، إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون ... " (١).

ولا يعني الإمساك عما شجر بين الصحابة ادعاء العصمة لهم، بل هم بشر يجري عليهم

ما يجري على سائر البشر من الخطأ والسهو والغفلة.

قال شيخ الإسلام: "ومما ينبغي أن يُعلم أنه وإن كان المختار الإمساك عما شجر بين الصحابة والاستغفار للطائفتين جميعاً وموالاتهم، فليس من الواجب اعتقاد أن كل واحد من العسكر لم يكن إلا مجتهداً متأولاً كالعلماء، بل فيهم المُذنب والمُسيء، وفيهم المُقصر في الاجتهاد لنوع من الهوى لكن إذا كانت السيئة في حسنات كثيرة كان مرجوحة مغفورة، وأهل السنة تُحسن القول فيهم وتترحم عليهم وتستغفر لهم، لكن لا يعتقدون العصمة من الإقرار على الذنوب وعلى الخطأ في الاجتهاد ... " (٢).

[المطلب الثالث: ترتيب الخلفاء في الفضل]

إن التفاضل بين الخلق سنة من سنن الله في هذا الكون:

قال تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: من الآية ٣٢].

وقال - عز وجل -: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} [النحل: من الآية ٧١].

ولقد فضل الله بعض النبيين على بعض، قال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة: من الآية ٢٥٣].

وقال - سبحانه وتعالى -: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} [الإسراء: من الآية ٥٥].


(١) مجموع الفتاوى (٣/ ١٥٥).
(٢) مجموع الفتاوى (٤/ ٤٣٤).

<<  <   >  >>