للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال النووي: "أجمع العلماء على وجوبها -يعني طاعة الأمراء- في غير معصية وعلى تحريمها في المعصية" (١).

وقد بين الإمام النووي أن العلة من الحكم بالحرمة والتي من أجلها تظاهرت الأحاديث وانعقد إجماع أهل السنة: هو ما يترتب على ذلك من المفاسد الكثيرة، فقال: "وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين وقد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق، وأما الوجه المذكور في كتب الفقه لبعض أصحابنا أنه ينعزل وحكى عن المعتزلة أيضاً فغلط من قائله مخالف للإجماع، قال العلماء: وسبب عدم انعزاله وتحريم الخروج عليه ما يترتب على ذلك من الفتن وإراقة الدماء وفساد ذات البين فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه" (٢).

وأما من يقول بجواز الخروج على أئمة الجور محتجاً بفعل بعض السلف، فالجواب عليه: أن القول بعدم جواز الخروج على أئمة الجور كان من مسائل الخلاف بين أهل السنة ثم انعقد الإجماع على الحرمة، ثم ليس كل خروجهم كان بمجرد الفسق، قال القاضي عياض: "وقد ادعى أبو بكر بن مجاهد في هذا الإجماع وقد رد عليه بعضهم هذا بقيام الحسن وابن الزبير وأهل المدينة على بني أمية وبقيام جماعة عظيمة من التابعين والصدر الأول على الحجاج مع ابن الأشعث، وتأول هذا القائل قوله أن لا ننازع الأمر أهله في أئمة العدل، وحجة الجمهور أن قيامهم على الحجاج ليس بمجرد الفسق بل لما غير من الشرع وظاهر من الكفر، قال القاضي: وقيل أن هذا الخلاف كان أولاً ثم حصل الإجماع على منع الخروج عليهم" (٣).

قال الباحث: وإن كان ظاهر قول القاضي عياض أنه يضعف انعقاد الإجماع على ذلك، لكن قد تقدم عن غير واحد من أهل العلم من حكى الإجماع عليه.


(١) شرح النووي على مسلم (١٢/ ٢٢٩).
(٢) شرح النووي على مسلم (١٢/ ٢٢٩).
(٣) شرح النووي على مسلم (١٢/ ٢٢٩).

<<  <   >  >>