للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهل الملل اتباعهم، وهم الذين ضَمِن الله لنبيه عليه الصلاة والسلام أن لا يجمعهم على ضلالة.

وكأنَّ هذا القول راجع إلى الثاني وهو يقتضي ما يقتضيه، أو يرجع إلى القول الأول وهو الأظهر، وفيه من المعنى ما في الأول من أنه لابد من كون المجتهدين فيهم، وعند ذلك لا يكون

مع اجتماعهم على هذا القول بدعة أصلاً.

٥ - أن الجماعة هي جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على أمير، وقد اختار هذا القول الإمام الطبري؛ وحاصل هذا القول أن الجماعة راجعة إلى الاجتماع على الإمام الموافق للكتاب والسنة، وذلك ظاهر في أن الاجتماع على غير سنة خارج عن معنى الجماعة كالخوارج ومن جرى مجراهم.

والذي يظهر أنه لا تعارض بين هذه الأقوال إذ الجماعة هي من كان على مثل ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام والتابعون ومن تبعهم بإحسان، فمن وافقهم فهو من الجماعة، وإن كان فرداً، ومن خالفهم فهو من أهل الشذوذ والفرقة وإن كثر عددهم.

قال عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -: "إنما الجماعة ما وافق طاعة الله وإن كنت وحدك" (١).

وقال أبو شامة: "وحيث جاء الأمر بلزوم الجماعة فالمراد به لزوم الحق واتباعه وإن كان المتمسك بالحق قليلاً والمخالف كثيراً لأن الحق الذي كانت عليه الجماعة الأولى من النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم - ولا نظر إلى كثرة أهل الباطل بعدهم" (٢).

وقال ابن القيم: " واعلم أن الإجماع والحجة والسواد الأعظم هو العالم صاحب الحق وإن كان وحده وإن خالفه أهل الأرض ... وقال بعض أئمة الحديث وقد ذكر له السواد الأعظم فقال: أتدري ما السواد الأعظم هو محمد بن أسلم الطوسي وأصحابه! فمُسخ المختلفون الذين


(١) شرح أصول اعتقاد أهل السنة (١/ ١٢٢) ح ١٦٠.
(٢) الباعث على إنكار البدع والحوادث ص ٢٢، لأبي شامة المقدسي، تحقيق: عثمان أحمد عنبر، الطبعة الأولى ١٣٩٨، دار الهدى، القاهرة.

<<  <   >  >>