للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن سهل يقول صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر ثم خرجنا حتى دخلنا على أنس بن مالك فوجدناه يصلى العصر فقلنا يا عمّ ما هذه الصلاة التي صليت قال العصر وهذه صلاة رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم التى كنا نصلى معه

(قوله تلك صلاة المنافقين الخ) يعنى صلاة العصر التى أخرت إلى الاصفرار فالإشارة عائدة على متقدّم حكما (وقال) الطيبي تلك إشارة إلى ما في الذهن من الصلاة المخصوصة اهـ وإنما كرّرها ثلاثا مبالغة في ذمّ من يؤخر الصلاة إلى هذا الوقت بلا عذر

(قوله يجلس أحدهم الخ) يعنى يؤخر أحدهم صلاة العصر إلى أن تصفرّ الشمس فحتى غائية لا زائدة خلافا لمن زعمه، والمراد بالجلوس التأخير وهذه الجملة لبيان هيئة الصلاة المذمومة الموسومة بأنها صلاة المنافقين

(قوله فكانت بين قرنى شيطان) اختلفوا فيه فقيل هو على حقيقته وظاهر لفظه والمراد أن يحاذيها بقرنيه عند غروبها وكذا عند طلوعها لأن الكفار يسجدون له حينئذ فيقارنها ليكون الساجد لها في صورة الساجد له ويخيل لنفسه ولأعوانه أنهم إنما يسجدون له (وقيل) هو على المجاز والمراد بقرنيه علوّه وارتفاعه وسلطانه وتسلطه وغلبة أعوانه وسجود مطيعيه من الكفار للشمس (وقال) الخطابى اختلفوا في تأويله على وجوه فقال قائل معناه مقارنة الشيطان الشمس عند دنوّها للغروب على معنى ما روى أن الشيطان يقارنها إذا طلعت فإذا ارتفعت فارقها فإذا استوت قارنها فإذا زالت فارقها فإذا دنت للغروب قارنها فإذا غربت فارقها فحرمت الصلاة في هذه الأوقات لذلك. وقيل معنى قرن الشيطان فوّته من قولك أنا مقرن لهذا الأمر أى مطيق له قوىّ عليه قال الله تعالى "وما كنا له مقرنين" أى مطيقين وذلك أن الشيطان إنما يقوى أمره في هذه الأوقات لأنه يسوّل لعبدة الشمس أن يسجدوا لها في هذه الأوقات الثلاثة. وقيل قرنه حزبه وأصحابه الذين يعبدون الشمس وقيل هذا تمثيل وتشبيه وذلك أن تأخير الصلاة إنما هو تسويل الشيطان لهم وتسويفه وتزيينه ذلك في قلوبهم. وذوات القرون إنما تعالج الأشياء وتدفعها بقرونها فكأنهم لما دفعوا الصلاة وأخروها عن أوقاتها بتسويل الشيطان لهم صار ذلك منه بمنزلة ما تعالجه ذوات القرون وتدفعه بقرونها اهـ

(قوله قام فبقر أربعا لا يذكر الله عزّ وجل فيها إلا قليلا) هو كناية عن الإسراع بالصلاة وعدم الخشوع والطمأنينة فيها ففيه ذمّ صريح لمن يفعل ذلك في صلاته لأنه قد شبه نفسه بالمنافق فإن المنافق لا يعتقد صحة الصلاة بل إنما يصلى لدفع السيف عنه ولا يبالى بالتأخير إذ لا يطلب فضيلة ولا ثوابا. وتخصيص الأربع بالنقر وفي العصر ثمانى سجدات اعتبار بالركعة أو أن الحديث جاء حين كانت صلاة العصر ركعتين ثم زيدت بعده. وإنما خصّ العصر بالذكر لأنها الصلاة الوسطى ولأنها تأتى في وقت تعب الناس من مقاساة أعمالهم وإلا فتأخير غيرها من المكتوبة إلى آخر وقتها بدون عذر مذموم وفيه الوعيد الشديد

<<  <  ج: ص:  >  >>