للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالتشييد ليجعل ذريعة إلى الزخرفة اهـ لأنه لا تثبت الرواية به أصلا فلا يعتمد عليه. وكلام ابن عباس مفصول من كلام النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الكتب المشهورة والزخرفة الزينة وأصل الزخرف الذهب ثم استعمل في كل ما يتزين به. وفى النهاية الزخرف النقوش والتصاوير بالذهب ومنه قولهم زخرف الرجل كلامه إذا موّهه وزينه بالباطل

(قوله كما زخرفت اليهود والنصارى) يريد أن اليهود والنصارى زخرفوا معابدهم عندما حرّفوا وبدّلوا وتركوا العمل بما في كتبهم فكأنه يقول أنتم تصيرون إلى مثل حالهم إذا طلبتم الدنيا بالدين وتركتم الإخلاص في العمل وصار أمركم إلى المراءاة بالمساجد والمباهاة بتشييدها وتزيينها (قال) الخطابى إنما زخرفت اليهود والنصارى كنائسهم وبيعهم حين حرّفت الكتب وبدّلتها فضيعوا الدين وعرجوا على الزخارف والتزيين اهـ وأول من زخرف المساجد الوليد ابن عبد الملك بن مروان وذلك في أواخر عصر الصحابة وسكت عليه كثير من أهل العلم خوف الفتنة. وروى ابن ماجه عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أراكم تستشرفون مساجدكم بعدى كما شرّفت اليهود كنائسها وكما شرّفت النصارى بيعها (قال) العينى به استدلّ أصحابنا على أن نقش المسجد وتزيينه مكروه ولا يجوز من مال الوقف ويغرم الذى يخرجه سواء ناظر أو غيره "فإن قيل" ما وجه الكراهة إذا كان من نفس ماله "قلت" إما اشتغال المصلى به أو إخراج المال في غير وجهه اهـ (قال) ابن رسلان هذا الحديث فيه معجزة ظاهرة لإخباره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عما سيقع بعده فإن تزويق المساجد والمباهاة بزخرفتها كثر من الملوك والأمراء في هذا الزمان بالقاهرة والشام وبيت المقدس بأخذهم أموال الناس ظلما وعمارتهم بها المدارس على شكل بديع نسأل الله السلامة والعافية اهـ (وقال) الشوكانى الحديث يدلّ على أن تشييد المساجد بدعة وقد روى عن أبى حنيفة الترخيص في ذلك. وروى عن أبى طالب أنه لا كراهة في تزيين المحراب (وقال) المنصور بالله إنه يجوز في جميع المسجد (وقال) البدر بن المنير لما شيد الناس بيوتهم وزخرفوها ناسب أن يصنع ذلك بالمساجد صونا لها عن الاستهانة (وتعقب) بأن المنع إن كان للحثّ على اتباع السلف في ترك الرفاهية فهو كما قال وإن كان لخشية شغل بال المصلى بالزخرفة فلا لبقاء العلة (ومن جملة) ما عوّل عليه المجوّزون للتزيين أن السلف لم يحصل منهم الإنكار على من فعل ذلك وبأنه بدعة مستحسنة وبأنه مرغب إلى المسجد (وهذه حجج) لا يعوّل عليها من له حظ من التوفيق لا سيما مع مقابلتها للأحاديث الدالة على أن التزيين ليس من أمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأنه نوع من المباهاة المحرّمة وأنه من علامات الساعة كما روى عن عليّ عليه السلام وأنه من صنع اليهود والنصارى وقد كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يحب مخالفتهم ويرشد إليها عموما وخصوصا "ودعوى"

<<  <  ج: ص:  >  >>