للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر يتمّ فيه بأن يجعله مسجدا بالتسمية فقط لكانت مواضع تلك المساجد في بيوتهم خارجة عن أملاكهم فدلّ أنه لا يصح أن يكون مسجدا بنفس التسمية ولذلك قال صاحب الهداية إن اتخذ وسط داره مسجدا وأذن للناس بالدخول فيه له أن يبيعه ويورث عنه لأن المسجد ما لا يكون لأحد فيه حق المنع وإذا كان ملكة محيطا بجوانبه كان له حق المنع فلم يصر مسجدا اهـ

(قوله وأن تنظف وتطيب) أى أمر أيضا صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بإزالة النتن والأقذار. وأمر بتطييبها بالروائح الطيبة لأن لها حرمة لإقامة الصلاة فيها ولتشبهها بالمساجد المطلقة (قال) ابن رسلان تطيب المساجد بطيب الرجال وهو ما خفي لونه وظهر ريحه فإن اللون ربما شغل بصر المصلى. والأولى في تطييب المسجد مواضع المصلين ومواضع سجودهم اهـ ويجوز أن يحتمل التطييب على التجمير ولهذا قال ابن حجر يعلم من الحديث أنه يستحب تجمير المسجد بالبخور خلافا لمالك حيث كرهه فقد كان عبد الله يجمر المسجد إذا قعد عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ على المنبر. واستحب بعض السلف تخليق المسجد بالزعفران والطيب. وروى عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فعله اهـ (وقال) الشعبي هو سنة. وأخرج ابن أبى شيبة أن ابن الزبير لما بنى الكعبة طلى حيطانها بالمسك اهـ

(فقه الحديث) والحديث يدلّ على مشروعية اتخاذ المساجد في البيوت للصلاة والعبادة وقد ثبت أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اتخذ لبعض أصحابه مسجدا في بيته "فقد" روى البخارى من طريق ابن شهاب قال أخبرني محمود بن الربيع الأنصارى أن عتبان بن مالك وهو من أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ممن شهد بدرا من الأنصار أنه أتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال يا رسول الله قد أنكرت بصرى وأنا أصلى لقومى فإذا كانت الأمطار سال الوادى الذى بينى وبينهم لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلى بهم ووددت يا رسول الله أنك تأتينى فتصلى في بيتي فأتخذه مصلى فقال له رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سأفعل إن شاء الله تعالى قال عتبان فغدا عليّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأبو بكر حين ارتفع النهار فاستأذن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فأذنت له فلم يجلس حين دخل البيت ثم قال أين تحب أن أصلى من بيتك قال فأشرت له إلى ناحية من البيت فقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فكبر فقمنا فصففنا فصلى ركعتين ثم سلم "الحديث" ودلّ الحديث على طلب تنظيفها من الأقذار ونحوها، وعلى طلب تعطيرها بما يناسب من أنواع الطيب

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه وأحمد والترمذى مسندا ومرسلا وقال المرسل أصح

<<  <  ج: ص:  >  >>