للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحابة رضوان الله تعالى عليهم على من رفع صوته في المسجد بقراءة أو ذكر كما هو منصوص عليه في البخارى وغيره (قال البزّازى) وفى فتاوى القاضى الجهر بالذكر حرام، وقد صحّ عن ابن مسعود أنه سمع قوما اجتمعوا في مسجد يهللون ويصلون على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم جهرا فذهب إليهم وقال ما عهدنا ذلك على عهده صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وما أراكم إلا مبتدعين فما زال يذكر ذلك حتى أخرجهم من المسجد اهـ وروى عن سعيد ابن المسيب أنه كان في المسجد آخر الليل يتهجد ثم دخل عمر بن عبد العزيز وكان إذ ذاك خليفة وكان حسن الصوت فجهر بالقراءة فلما سمعه سعيد بن المسيب قال لخادمه اذهب إلى هذا المصلى فقل له إما أن تخفض من صوتك وإما أن تخرج من المسجد ثم أقبل على صلاته فجاء الخادم فوجد المصلى عمر بن عبد العزيز فرجع ولم يقل له شيئا فلما سلم سعيد قال لخادمه ألم أقل لك تنهى هذا المصلى عما يفعل فقال له هو الخليفة عمر بن عبد العزيز قال اذهب إليه وقل له ما أخبرتك به فذهب إليه فقال له إن سعيدا يقول لك إما أن تخفض من صوتك وإما أن تخرج من المسجد فخفف في صلاته فلما سلم منها أخذ نعليه وخرج من المسجد اهـ وروى ابن أبى شيبة بسند جيد عن سالم بن عبد الله أن عمر بن الخطاب اتخذ مكانا إلى جانب المسجد يقال له البطيحاء وقال من أراد أن يلغط أو يرفع صوتا أو ينشد شعرا فليخرج إليه. وروى يحيى عن نافع أن عمر بينما هو في المسجد عشاء إذ سمع ضحك رجل فأرسل إليه فقال من أنت فقال أنا رجل من ثقيف فقال أمن أهل البلد أنت فقال بل من أهل الطائف فتوعده فقال لو كنت من أهل البلد لنكلت بك إن مسجدنا هذا لا ترفع فيه الأصوات. وعن السائب بن يزيد قال كنت مضطجعا في المسجد فحصبني رجل فرفعت رأسى فإذا عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فقال اذهب فأتنى بهذين الرجلين فجئت بهما فقال من أين أنتما قالا من أهل الطائف قال لو كنتما من أهل البلد ما فارقتمانى حتى أوجعتكما جلدا ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (ومن ثمّ) نصت الأئمة على منع رفع الصوت في المساجد بقرآن أو ذكر (قال) في الدرّ المختار يحرم في المسجد رفع الصوت بذكر إلا للمتفقهة اهـ (وقال) في البحر الرائق إذا جهر الإمام فوق حاجة الناس فقد أساء اهـ ونحوه في سائر كتب السادة الحنفية (وقال) في مختصر الإمام خليل وشروحه وحواشيه يكره رفع الصوت بقراءة القرآن في المسجد خشية التشويش على المصلين والذاكرين فإن شوّش حرم اتفاقا اهـ ونحوه في باقى كتب السادة المالكية (وقال) ابن العماد تحرم القراءة جهرا على وجه يشوّش على نحو مصلّ اهـ ومثله في كتب السادة الشافعية ونظير ذلك في كتب السادة الحنابلة (فائدة أخرى) يمنع دخول الصبيان المساجد لحديث جنبوا مساجدكم صبيانكم الخ (قال في الدرّ المختار) يحرم إدخال صبيان ومجانين المسجد حيث

<<  <  ج: ص:  >  >>