للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة إلى بيت المقدس. ويؤيده ما أخرجه الطبراني من طريق ابن جريج قال صلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أول ما صلى إلى الكعبة ثم صرف إلى بيت المقدس وهو بمكة فصلى ثلاث حجج ثم هاجر فصلى إليه بعد قدومه المدينة ستة عشر شهرا ثم وجهه الله تعالى إلى الكعبة

(قوله قد نرى تقلب وجهك في السماء) أى تردّد وجهك وتصرّف نظرك إلى جهة السماء متشوّقا للأمر باستقبال الكعبة. وهو خطاب تودّد ورحمة. وقد للتحقيق أو التكثير بالنظر لتردّد النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا لرؤية الله تعالى إذ لا تكثير فيها

(قوله فلنولينك الخ) أى لنحوّلنك عن بيت المقدس إلى قبلة تحبها وتميل إليها. وكان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يحبها لأنها قبلة أبيه إبراهيم ولأنها أدعى إلى إسلام العرب لأنها مزارهم ومطافهم ومفخرتهم ولأنها قبلته من قبل فهو يميل إليها بحسب الطبع وإذا كانت موافقة للطبع كانت أحب. وهذا وعد من الله تعالى له بما يحبه "وفى قوله فولّ وجهك شطر المسجد الحرام" أى جهته "إنجاز له" والمراد بالمسجد الحرام الكعبة فهو من إطلاق اسم الكلّ على الجزء. وعبر بالمسجد إشارة إلى أن البعيد يكفيه استقبال الجهة ولا يلزمه استقبال عين الكعبة. ولما نزلت الآية وتحوّل إلى الكعبة قال السفهاء من اليهود ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها. وقال حيّ بن أخطب إن كان استقبالكم إلى بيت المقدس فيما مضى على هدى فقد انتقلتم الآن إلى ضلال وإن كان على ضلال فلم أقرّكم عليه ومن مات منكم قبل التحويل مات على ضلال وضاعت أعماله فشقّ ذلك على أقارب من مات قبل التحويل فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فنزل قوله تعالى "قل لله المشرق والمغرب" وقوله "وما كان الله ليضيع إيمانكم" أى صلاتكم إلى بيت المقدس (والحاصل) أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يصلى مستقبلا الكعبة وهو بمكه ثم أمر باستقبال بيت المقدس تأليفا لليهود فصلى إليه مدّة وهو بمكة ثم هاجر إلى المدينة فصلى إليه ستة عشر شهرا أو سبعة عشر فكانوا يقولون إن محمدا يفارق ديننا ويصلى لقبلتنا وكان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يحب أن يصلى إلى الكعبة حتى نزل عليه جبريل يوما فقال له يا جبريل أودّ أن الله عزّ وجلّ يحوّلنى إلى قبلة أبى إبراهيم فسل ربك ذلك فقال له أنت أكرم عليه منى ثم صعد إلى السماء فصار النبى صلى الله عليه وآله وسلم ينظر لجهتها منتظرا الإذن فنزل عليه جبريل عليه السلام بعد ركعتين من صلاة الظهر في رجب بالأمر بالتحويل إلى الكعبة فتحوّل وتحوّل الناس معه وكان يوما مشهودا فافتتن اليهود وأهل النفاق. وتحويل القبلة أول نسخ وقع في شريعته صلى الله تعالى عليه وعلى آله اسلم (قولة فولوا وجوهكم شطره) أى نحو البيت الحرام وهو أمر للأمة بعد أمره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لدفع ما يتوهم من أن استقبال الكعبة من خصائصه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

(قوله وتمّ حديثه) أى انتهى حديث محمد بن المثنى من هذا الطريق

(قوله

<<  <  ج: ص:  >  >>