للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤذن في محلّ الأذان وعلم أنه يؤذن لكن لم يسمع أذانه لبعد أو صمم لا يطالب بالإجابة

(قوله فقولوا مثل ما يقول المؤذن) مثل منصوب صفة لمصدر محذوف وما مصدرية أى قولوا قولا مثل قول المؤذن. أو أنه مفعول مطلق لأن الصفة إذا قامت مقام الموصوف المحذوف تعرب مفعولا مطلقا. ويحتمل أن تكون ما موصولة والعائد محذوف. وعبر بالمضارع ولم يقل مثل ما قال ليشعر بأنه يجيبه بعد كلّ كلمة بمثلها. ويؤيد هذا ما رواه الطحاوى من حديث أم حبيبة أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقول كما يقول المؤذن حتى يسكت. وادّعى ابن وضاح أن الحديث انتهى عند قوله مثل ما يقول وأن لفظ المؤذن مدرج فيه. لكن قد اتفقت الروايات في الصحيحين والموطأ على إثباته فلم يصعب ابن وضاح في دعواه ولا سيما وأن الإدراج لا يثبت بمجرّد الدعوى

(وظاهر) الحديث يدلّ على أن السامع يقول مثل قول المؤذن في جميع ألفاظ الأذان حتى في الحيعلتين لكن حديث عمر بن الخطاب الآتى يخصص الحيعلتين فإن فيه يقول السامع فيما لا حول ولا قوّة إلا بالله وهو مذهب الجمهور. ورواية عن مالك. والثانية يتابعه لمنتهى الشهادتين فقط (قال) ابن المنذر يحتمل أن يكون ذلك من الاختلاف المباح فيقول تارة مثل قول المؤذن حتى في الحيعلتين وتارة يبدلهما بالحوقلتين اهـ (وحكى) بعض المتأخرين عن بعض أهل الأصول أن الخاصّ والعامّ إذا أمكن الجمع بينهما وجب إعمالهما قال فلم لا يقال يستحب للسامع أن يجمع بين الحيعلة والحوقلة وهو وجه عند الحنابلة اهـ ولعل وجهه أنه لا مانع أن يدعو الإنسان نفسه ثم يتبرّأ من الحول والقوّة. ونقل عبد الرزاق عن ابن جريح أول قال حدّثت أن الناس كانوا ينصتون للمؤذن إنصاتهم للقراءة فلا يقول شيئا إلا قالوا مثله حتى إذا قال حيّ على الصلاة قالوا لا حول ولا قوّة إلا بالله وإذا قال حيّ على الفلاح قالوا ما شاء الله. وروى ابن أبى شيبة مثله عن عثمان. وروى عن سعيد بن جبير قال يقول في جواب الحيعلة سمعنا وأطعنا

(وظاهر الحديث) أيضا أن السامع يقول في حكايته الصلاة خير من النوم كالمؤذن. وقال بعضهم يقول صدقت وبررت. لكن لا دليل عليه. وقال الحطاب لم أقف على كلام أحد من أهل المذهب على ما يقوله الحاكي في قول المؤذن إذا أذن الصبح الصلاة خير من النوم. وحكى النووى في ذلك خلافا فقال يقول فيها صدقت وبررت. وقيل يقول صدق رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الصلاة خير من النوم. واقتصر على الأول في المنهاج. قال الدميرى وادعى ابن الرفعة أن خبرا ورد فيه. ولا يعرف ما قاله اهـ (وظاهر الحديث) التعبد بالقول وعدم كفاية إمرار الإجابة على القلب. وظاهر المماثلة في القول عدم اشتراط المساواة من جميع الوجوه لاتفاقهم على أنه لا يلزم المجيب أن يرفع صوته لأن المؤذن مقصوده الإعلام فاحتاج إلى رفع الصوت. والسامع مقصوده ذكر الله عزّ وجلّ فيكتفى بالسرّ (قال في الفتح) وأغرب ابن المنير فقال حقيقة الأذان

<<  <  ج: ص:  >  >>