للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإباحة الخروج إلى بيوت الله عزّ وجلّ (وهذا النهى) يشعر بطلبهن الخروج لأن النهى عن المنع يكون بعد وجود مقتضيه. ويؤيده رواية مسلم عن ابن عمر عنه صلى الله عليه وآله وسلم قال إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها

(قوله ولكن ليخرجن الخ) استدراك على النهى عن المنع أتى به لدفع توهم أنه يباح لهنّ الخروج إلى المسجد على أى حال. وقوله وهنّ تفلات أى تاركات للطيب والزينة. وتفلات جمع تفلة وهي المرأة إذا تركت الطيب يقال تفلت المرأة تفلا من باب تعب إذا أنتن ريحها لترك الطيب والادّهان (والنهى في الحديث) محمول على الكراهة لحديث ابن عمر الآتى لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن فإنه يؤذن بعدم تحريم منعهن من الخروج إلى المساجد ولأن حق الزوج في ملازمة المسكن واجب فلا يتركنه للفضيلة. والنهى يعمّ جميع النساء لا فرق بين الشوابّ وغيرهنّ فلا يمنعن من الخروج ما لم تخش الفتنة. وعامّ في جميع الأزمنة "وما سيأتي" للمصنف عن ابن عمر من قوله صلى الله عليه وآله وسلم ائذنوا للنساء إلى المساجد بالليل "لا ينافى العموم" لاحتمال أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم نصّ على الليل لأنه مظنة منع الرجال للنساء عن الخروج فيه لا للاحتراز عن غير الليل (قال) النووى ظاهر الحديث أنهما لا تمنع المسجد لكن بشروط ذكرها العلماء مأخوذة من الأحاديث وهي أن لا تكون متطيبة ولا متزينة ولا ذات خلاخل يسمع صوتها ولا ثياب فاخرة ولا مختلطة بالرجال ولا شابة ولا نحوها ممن يفتتن بها وأن لا يكون في الطريق ما يخاف به مفسدة ونحوها. وهذا النهى عن منعهن من الخروج محمول على كراهة التنزيه إذا كانت المرأة ذات زوج أو سيد ووجدت الشروط المذكورة فإن لم يكن لها زوج ولا سيد حرم المنع إذا وجدت الشروط اهـ وهذا هو مذهب الشافعية. ونحوه للمالكية والحنابلة (واختلفت) الحنفية فقال أبو حنيفة تخرج العجائز لغير الظهر والعصر لأن وقتهما وقت انتشار الفساق وربما تكاد ترغب فتقع في الفتنة بخلاف المغرب لأنه وقت الطعام وبخلاف العشاء والصبح لأنهما وقت نومهم (وقال) أبو يوسف ومحمد يخرجن في جميع الأوقات (قال) العينى والفتوى في هذا الزمان على عدم الخروج في الكل مطلقا لشيوع الفساد وعموم المصيبة اهـ

(فقه الحديث) دلّ الحديث على جواز خروج النساء إلى المساجد، وعلى أنه ليس للرجال منعهن من ذلك (قال) الخطابى استدلّ بعض أهل العلم لعموم قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" على أنه ليس للزوج منع زوجته من الحج لأن المسجد الحرام الذى يخرج إليه الناس للحج والطواف أشهر المساجد وأعظمها حرمة فلا يجوز للزوج أن يمنعها من الخروج إليه لأن المساجد كلها دونه وقصده واجب اهـ، ودلّ الحديث أيضا على أنه يجب على النساء ترك الطيب إذا خرجن (وقد جاء) في ذلك أحاديث (منها) ما رواه مسلم من طريق بشر بن سعيد عن زينب امرأة عبد الله قالت قال لنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى

<<  <  ج: ص:  >  >>