للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة. وهذا يتناول جميع أوقات الإتيان إلى الصلاة. وأكد ذلك تأكيدا آخر فقال فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا. فحصل فيه تنبيه وتأكيد لئلا يتوهم متوهم أن النهي إنما هو لمن لم يخف فوات بعض الصلاة فصرّح بالنهى وإن فات من الصلاة ما فات وبين ما يفعل فيما فات اهـ ببعض تصرّف "ولا يقال" هذا مناف لقوله تعالى {فاسعوا إلى ذكر الله} "لأن المراد" بالسعى في الآية القصد يدل عليه قوله تعالى {وذروا البيع} أى اشتغلوا بأمر المعاد واتركوا أمر المعاش (قال) في المرقاة ليس السعى الكامل منحصرا على الأقدام بل المراد تحصيل الإخلاص في الوصول إلى المرام والنهى إنما هو عن الإسراع المفضى إلى تشتيت البال وعدم استقامة الحال

(قوله وائتوها تمشون) أى بالطمأنينة والسكينة اللتين عليهما مدار الطاعة إذ المقصود من العبادة الحضور مع المعبود

(قوله وعليكم السكينة) أى الزموها. وهى التأنى في الحركات واجتناب العبث والوقار في الهيئة وغضّ البصر وخفض الصوت والإقبال على الطريق من غير التفات (والحكمة) في هذا الأمر تستفاد من زيادة في رواية مسلم في آخر هذا الحديث وهى قوله فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة أى في حكم الصلاة (وفى الحديث) دلالة على النهى عن الإسراع في المشي إلى الصلاة مطلقا سواء فيه صلاة الجمعة وغيرها وسواء أخاف فوات تكبيرة الإحرام وغيرها أم لا. وإلى ذلك ذهب زيد بن ثابت وأنس وأحمد وأبو ثور واختاره ابن المنذر وحكاه العبدرى عن أكثر العلماء (وذهب) ابن مسعود وابن عمر والأسود بن يزيد وعبد الرحمن بن يزيد وإسحاق بن راهويه إلى أنه إذا خاف فوات تكبيرة الإحرام أسرع قال النووى لما روى أن عبد الله بن مسعود اشتدّ إلى الصلاة وقال بادروا حدّ الصلاة يعنى التكبيرة الأولى. والأول أصح لما روى أبو هريرة وساق حديث الباب اهـ قال الترمذى اختلف أهل العلم في المشى إلى المسجد. فمنهم من رأى الإسراع إذا خاف فوت التكبيرة الأولى حتى ذكر عن بعضهم أنه كان يهرول إلى الصلاة. ومنهم من كره الإسراع واختار أن يمشى على تؤدة ووقار وبه يقول أحمد وإسحاق وقالا العمل على حديث أبى هريرة. وقال إسحاق إن خاف فوت التكبيرة الأولى فلا بأس أن يسرع في المشى اهـ

(قوله فما أدركتم فصلوا) أى مع الإمام. والفاء واقعة في جواب شرط محذوف أى إذا فعلتم ما أمرتكم به من السكينة وترك الإسراع فما أدركتم الخ. واستدلّ بهذا الحديث على حصول فضيلة الجماعة بإدراك أى جزء من الصلاة وهي السبع والعشرون درجة لكن من أدركها من أولها تكون درجاته أكمل وهذا قول الجمهور. وقيل لا تدرك الجماعة بأقلّ من ركعة لحديث من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك. وقياسا على الجمعة. لكن تقدم أن هذا الحديث ورد في الأوقات وأن في الجمعة حديثا خاصا بها

(قوله وما فاتكم فأتموا) أى والذى سبقكم به الإمام من الصلاة فافعلوه بعد سلامه (وفي هذا دليل) على أن الذى يدركه

<<  <  ج: ص:  >  >>