للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر والنهى ويصح منه امتثالهما. وقد ورد الشرع بتعزير من هو دون هذا السن على الشرائع ومنعه من المحظورات فقد نزع صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تمرة من الصدقة من فم الحسين ابن علي وقال أما علمت أنا لا نأكل الصدقة. وأمر بضرب الصبي على ترك الصلاة إذا بلغ عشر سنين

(قوله ورسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصلى بالناس بمنى) أى إلى غير جدار كما صرح به في رواية البخارى. وقد صرّح مالك أيضا في هذه الرواية بأن الصلاة كانت بمنى وكذا قاله أكثر أصحاب الزهرى ووقع في رواية مسلم من طريق ابن عيينة أن الصلاة كانت بعرفة (قال النووى) ويحمل ذلك على أنهما قصتان اهـ قال في الفتح إن الأصل عدم التعدد ولاسيما مع اتحاد مخرج الحديث فالحق أن قول ابن عيينة إنه صلى الله عليه وآله وسلم يصلى بعرفة شاذ اهـ ووقع عند مسلم أيضا من رواية معمر عن الزهرى وذلك في حجة الوداع أو الفتح والحق أن ذلك كان في حجة الوداع

(قوله فمررت بين يدى بعض الصف الخ) وفي رواية للبخارى فمررت حتى سرت بين يدى بعض الصف الأول فنزلت وأرسلت الأتان ترتع أى ترعي من قولهم رتعت الماشية رتعا ورتوعا رعت كيف شاءت

(قوله فلم ينكر ذلك أحد) استدل ابن عباس بترك الإنكار عليه على جواز المرور ولم يستدل عليه بترك إعادتهم للصلاة لأن ترك الإنكار أكثر فائدة فإنه يدل على جواز المرور وصحة الصلاة معا بخلاف ترك الإعادة فإنه يدل على صحة الصلاة فقط. واستدل بهذا على أن مرور الحمار بين يدى المصلى لا يقطع الصلاة وهو قول الجمهور كما تقدم. وأجاب القائلون بقطع الصلاة بأن حديث ابن عباس محمول على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يصلى إلى سترة وهو لم يمرّ بين الإمام وسترته بل مر بين يدى بعض الصف وسترة الإمام سترة لمن خلفه كما تقدم وقالوا ولا يلزم من نفى الجدار في الحديث نفى السترة الأخرى من حربة أو غيرها. ولو سلم أنه يدل على نفى السترة مطلقا لأمكن أن يقال إن قول ابن عباس لم ينكر ذلك أحد ولم يقل ولم ينكر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يدل على أن المرور كان بين يدى بعض الصف. ولا يلزم من ذلك اطلاع النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عليه لجواز أن يكون الصف ممتدًّا ولم يطلع صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على فعل ابن عباس ولو سلم اطلاعه على ذلك لم يكن دليلا أيضا على الجواز لأن ترك الإنكار إنما كان لأجل أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اتخذ سترة وهو لم يمر بينه وبين السترة كما تقدم. لكن ما رواه البزار بسند صحيح عن ابن عباس قال أتيت أنا والفضل على أتان فمررنا بين يدى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعرفة وهو يصلي المكتوبة ليس شئ يستره يحول بيننا وبينه فيه ردّ لقولهم إن مرور ابن عباس كان خلف الإمام وبين يدى بعض الصف لأنه صريح في أنه مر بين يدى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وردّ أيضا لقولهم إن نفي الجدار لا يلزم منه نفي السترة مطلقا

<<  <  ج: ص:  >  >>