للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تفريقا بل يتركهما على هيئتهما (والحكمة) في رفع اليدين عند الإحرام استعظام ما دخل فيه. وقيل إشارة إلى نبذ الدنيا وراءه والإقبال بكليته على صلاته ومناجاة ربه حتى يطابق فعله قوله الله أكبر. قال القاضى عياض وهذه الوجوه تناسب القول برفعهما منتصبتين. وقيل إن ذلك خضوع ورهبانية وهو يناسب نصبهما منحنية أطراف الأصابع (وقال) في حجة الله البالغة السرّ في ذلك أن رفع اليدين فعل تعظيمى ينبه النفس على ترك الأشغال المنافية للصلاة والدخول في حيز المناجاة فشرع لتنبيه النفس لثمرة ذلك الفعل اهـ (وقال الباجى) إن التكبير شرع في الصلاة عند عمل قرن به للانتقال من حال إلى حال فلما لم يكن عند تكبيرة الإحرام عمل من الانتقال من حال إلى حال قرن به رفع اليدين كما قرن بالسلام الإشارة بالرأس والوجه إلى اليمين اهـ

(قوله حتى يحاذى منكبيه) غاية لرفع يديه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو دليل على أن الرفع يكون إلى المنكبين (وبه قال) أحمد ومالك والشافعى وإسحاق مستدلين بحديث الباب وغيره من الأحاديث الكثيرة الصحيحة الدالة على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه (وذهبت الحنفية) وجماعة إلى أن رفع اليدين يكون حذو الأذنين. واستدلوا بما رواه مسلم عن مالك بن الحويرث أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذى بهما أذنيه. وبما رواه الطحاوى عن البراء بن عازب قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا كبر لافتتاح الصلاة رفع يديه حتى تكون إبهاماه قريبين من شحمتى أذنيه. وبما رواه أيضا عن وائل بن حجر قال رأيت النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حين يكبر للصلاة يرفع يديه حيال أذنيه. وسيأتى نحوه للمصنف (وأجابوا) عن أحاديث الرفع إلى المنكبين بأنها محمولة على حالة العذر كالبرد. وروى الطحاوى من طريق شريك عن وائل ابن حجر قال أتيت النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آلة وسلم فرأيته يرفع يديه حذاء أذنيه إذا كبر وإذا رفع وإذا سجد فذكر من هذا ما شاء الله قال ثم أتيته في العام المقبل وعليهم الأكسية والبرانس وكانوا يرفعون أيديهم فيها وأشار شريك إلى صدره (قال الطحاوى) فأخبر وائل بن حجر في حديثه هذا أن رفعهم إلى مناكبهم إنما كان لأن أيديهم كانت حينئذ في ثيابهم وأخبر أنهم كانوا يرفعون إذا كانت أيديهم ليست في ثيابهم إلى حذو آذانهم فأعملنا روايته كلها فجعلنا الرفع إذا كانت اليدان في الثياب لعلة البرد إلى منتهى ما يستطاع الرفع إليه وهو المنكبان وإذا كانتا باديتين رفعهما إلى الأذنين كما فعل صلى الله عليه وآله وسلم ولم يجز أن يجعل حديث ابن عمر وما أشبهه الذى فيه ذكر رفع اليدين إلى المنكبين أن ذلك كان واليدان باديتان لجواز أنهما كانتا في الثياب وإلا لكان مخالفا لما روى وائل بن حجر فيتضادّ الحديثان اهـ ببعض تصرف. ويمكن الجمع بين أحاديث الرفع إلى المنكبين وأحاديث الرفع إلى الأذنين بأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>